دراسات
إغاظة الأعداء
مِن استعمال الله عز وجل للمؤمن أن "يغيظَ" به أعداءه! "ليغيظَ بهِم"، هذه من العبوديات المنسية.. فكلُ ثباتٍ للمؤمن وكل قوةٍ وكل عزمٍ وصبرٍ وانفعالٍ لدينه وأوليائه، بل كلُ ما يتركه من سيرةٍ وأثر = مراغمةٌ لعدوه! وانظر كيف جعل النبي صلى الله عليه وسلم من الصفة الذميمة؛...
درس “صاحب الأريكتين”
لو أن درسًا واحدًا نتعلمه من حياة "يحيى صاحب الأريكتين" تقبله الله، فسيكون: إذا طلبنا العزّة؛ التمسنا أبلغ مراتبها، وإذا أردْنا الكرامة أردْناها لأُمة، ولم نجعل من أحدٍ حُجّةً علينا أمام الله، بل نحن الحُجّة التي أقامها على خلقه! المؤمن إذا صحَّ إيمانه بالله لم يكن...
سيجعل لهم الرحمن وُدًّا
"إنَّ الذين آمنوا وعملوا الصالحاتِ سيجعلُ لهُمُ الرحمنُ وُدًّا" يقول البقاعي: "أي حُبًّا عظيمًا في قلوب العباد، من غيرِ تودُّدٍ منهم ولا تَعرضٍ للأسباب التي تَكسبُ بها الناس موّدات القلوب من قرابة أو صداقة أو اصطناع غيره"! لهذا ترق قلوبنا لمن مات من المؤمنين والعاملين...
لا يضرهم من خذلهم
قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يزالُ اللهُ يغرسُ في هذا الدين غرسًا يستعملُهُم في طاعته" استدل ابن القيم وغيره بهذا الحديث على أن خيرية الأُمة لا تنقطع. لكن المعنى الأبلغ الذي تُفيده لفظة "يغرس"؛ أن الله عز وجل يتعهد من يستعمله وما استعمله فيه من إقامة شرعه ونصر...
هل الشهيد ميت؟
لاحظ أن القرآن لم ينه عن تسمية الشهيد؛ ميِّتًا فقط "ولا تقولوا لِمن يُقتَل في سبيل الله أمواتٌ".. بل حتى نهى عن اعتقاده ميِّتًا "ولا تَحسَبنَّ الذين قُتلوا في سبيل الله أمواتًا بل أحياء"، وتأكيدًا لذلك أخبر أنهم يُرزقون ويستبشرون ويفرحون ولا يَحْزَنون! ومنه كان الأمر...
عن الدعاء
ليس معنى العجز عن الأسباب غير المقدور عليها؛ تعطيل الأسباب المقدور عليها، مثل الاستخفاف بـ "الدعاء" عند العجز عن الجهاد.. فالدعاء من جُملة الأسباب المُقدّرة، ومُيسر الأسباب واحد ومُسيّرها واحد، الذي يُعطلها الله والذي يُجريها الله.. قال ابن تيمية: "والدعاء من الأسباب...
في ذكرى الطوفان: إيمانيات القضية!
لا يخفى أن اليوم هو الخامس من أكتوبر، فبعد يومين من "الآن"، ستمر أول ذكرى لأحداث "طوفان الأقصى" الذي هز أركان أُمتنا وأيقظ بعضًا من سُباتها العميق، الحدث الذي زلزل نفوسنا واستولى على مجامع قلوبنا، الحدث الذي أثار فينا الفخر والأحزان معًا، العزّة والأسى معًا، الكرامة...
إن مع العسر يسرًا
من قوانين الفرَج.. أنه يبدأ ويسير إلى جانب الكَرب، وكذلك اليُسر يكون إلى جانب العُسر، لكن أكثر الناس لا تنتبه لهما حتى يرتفع الكرب ويزول العُسر! ولذلك حين عبر القرآن عن ذلك قال: "إن مع العُسر يُسرا" وكرر التنبيه على المجاورة مرتين!.. وكذلك قال الصادق المصدوق عن مجاورة...
إِلْف العزة
من أخص ما يُرسخه هذا الدين في النفس: "إلف العِزّة"! قال تعالى: "وذكِّرهم بأيامِ الله".. قيل في تفسيرها: "أيام ظهور بطشه وتأييد المؤمنين على عدوهم، فإن ذلك مظهرٌ من مظاهر عزةِ الله تعالى".. ثم قال: "إن في ذلكَ لآياتٍ لكلِّ صبارٍ شكور".. قال البقاعي: "الذي صبَّرهُ اللهُ...
الاستطاعة بالله
من النعم الخفية التي لا يُنتبه لها على جلالها؛ "الاستطاعة".. قال ابن القيم: "العبدُ لا يملكُ قبل عمله استطاعة، فاستطاعته بيد الله لا بيده"، إن شاء منعها فصار عاجزًا! وهو سر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم إذا عاد مريضًا: "اللهم اشفِ عبدك؛ يشهدُ لك صلاةً وَيَنْكَأُ لك...
ما لم يعجل
مُراد النبي صلى الله عليه وسلم من قوله: "يُستجابُ لأحدِكُم ما لم يَعجل"؛ تعلق العبد بالدعاء حتى يصير عبادة على هيئة العادة، لا أن ييأس ويمل ويقول: "دعَوْتُ فلم يُستَجَب لي".. لأن الغاية استخراج افتقار العبد وغَمْر النفس بالعبودية.. لذلك كان أوجب مواطن الدعاء وقت...
الهداية بقدر البذل
من قواعد هذا الدين أن الهداية فيه بقدر البذل له.. لذلك في قول الله تعالى: "والذين جاهدوا فينا لنَهْديَنَّهم سُبُلَنا" قال أبو علي الدقاق شيخ القُشيري: "حركات الظواهر توجب بركات السرائر"! فمن ترك ما يقدر عليه من العمل لله تعالى وللمؤمنين؛ فاتَهُ من الهُدى بحسب ما فوَّت...
أليس الله بكافٍ عبده
لن تجد بداية ناسبت ما بعدها أبلغ من قول الله عز وجلّ: "أليسَ اللهُ بكافٍ عبدَهُ"، ماذا قال تعالى بعدها؟ قال: "ويُخوّفونَكَ بالذين من دونِه" كأنه يقول: إذا كُنتُ أُغنيكَ عن أن تحتاج إلى غيري؛ فكيف تخاف من غيري! والمراد؛ يُخوّفونَكَ، لكن الله كافيك! من قواعد هذا الدين...
فتن كقطع الليل
في حديث: "إن بين يدَي الساعة فتنًا كقِطع الليل المُظْلِم.." في رواية أبي موسي رضي الله عنه قال: "تدعُ الحليمَ حيرَانًا" لو أن قولًا واحدًا جامعًا في ترهيب المؤمن من "الفتنة" والجُرأة عليها؛ لكان هذا الحديث للنبي صلى الله عليه وسلم.. بعض الناس يتصور أن معنى "الحيرة"...
“يدبر الأمر”
في القرآن تعبيرات بليغة عجيبة، على قِصرها لكنها تأسر النفس وتَملِك القلوب، منها قول الله عز وجل: "يُدبِّرُ الأمر"! تكون أشدّ ما تكون ألمًا بسبب تسلط المجرمين على المؤمنين، فتتذكر قوله تعالى: "يُدبِّرُ الأمر" فكأن بردًا نزل بقلبك.. سبحان الله العظيم، حروف قليلة فيها من...
الانتقام من الظالمين
كان مالك بن دينار يقول: "إن الله يُسلِّط الظالم على الظالم، ثم ينتقمُ من الجميع" وهذا من كمال عدل الله عز وجل، وعجيب أقداره، إذ يُذيقه مرارة "الظُلم" وعذاب الحوجة إلى من يدفع عنه، ثم ينتقم منه! لذلك في تفسير قول الله تعالى: "وكذلك نُوَلِّي بعضَ الظالمينَ بعضًا بما...
العزة بالله
أحد المعاني الجوهرية في الشريعة أن من قَلّت عزّته بالله عز وجل تورط في مهانة العزّة بغيره.. النفس لا تتورط في الذُّلّ والافتقار لبشر إلا إذا انحرفت عن الذُّلّ لله تعالى والافتقار إليه! لذلك كان من جوامع دعاء النبي صلى الله عليه وسلم وأرقه: "اللهم اكْفني بحلالكَ عن...
مداخل الشرك ..
لا يستطيع أحد أن يقرأ القرآن إلا ويترسخ في نفسه أن "الشرك" ربما يكون أخطر ما يعرض للإنسان، وأن المسلم لا ينبغي أن يأمن على نفسه من مداخله.. لعلنا اليوم نُدرك شيئًا من هذه الحقيقة! اقرأ مثلًا.. "ويقولونَ هؤلاء شُفعاؤنا عند الله" لاحظ لفظة "عند الله"، لم يقل "من دون...
الذين خسروا أنفسهم
من الآيات المُحيّرة في القرآن، والمُرعبة في الوقت نفسه، قول الله تعالى: "إن الخاسرينَ الذين خسِروا أنفُسَهُم"، وتكرر معناها في أكثر من موضع للتعبير عن المعنى الحقيقي لـ "الخُسران"! فكأن "النفس" كانت شيئًا ثمينًا سالمًا للإنسان طوعه ملك يديه، لكنه فرط فيها وأضاعها! قال...
أزمنة العجز
من رداءة هذا الزمن أن الجُبناء فيه لا يكتفون بجُبنهم، بل يعوضون نَقصهم مرةً بالتعرض للصحابة ومرةً بالطعن في علماء الأُمة ومرةً بلمز أبطالها! الشعوب في كل الأُمم تبحث عن رموز، وتصنع الأبطال من الأوهام، وهؤلاء كل همهم النبش في الكتب وفي القصص لتعييب رموز الأُمة...
“كأنهم أحلامُ”
كلما ضغطتني الأيام أو ضاقت بي الأحوال، صبرتُ نفسي بقول أبي تمام: ثم انقضت تلكَ السنونُ وأهلُها .. فكأنها وكأنهم أحلامُ وهو مصداق قول الله عز وجل: "ويومَ يحشرهُم كأن لم يلبثوا إلا ساعةً من النهار يتعارفون بينهُم".. فقوله "من نهار" إمعانًا في استقصار الدنيا فساعة الليل...
أنفة المؤمنين
"قالوا لن نُؤثرَكَ على ما جاءنا من البيِّناتِ والذي فَطرَنا فاقضِ ما أنت قاضٍ إنما تقضي هذه الحياةَ الدنيا"! تأمل أنفة الإيمان، والثبات العجيب في الموقف، وخلو القلب من رهبة الظلمة؛ رغم السيرة التي ربما "تبدو" لا تؤهلهم لهذه المكانة الإيمانية! كان الحسن البصري إذا قرأ...
بين العقلانية والدروشة
لا أعلم أكثر بؤسًا من التعامل مع الأحداث والناس؛ بعقلانية ومادية محضة.. واعتبار استحضار الإيمانيات والمُسلّمات الدينية في سياقات الواقع والمُلِمّات الكُبرى؛ دروشة وعاطفة! رغم أن الدين أساسه الإيمانيات والمشاعر.. وكل الماديات وحسابات الواقع مردّها عند المؤمن لهذه...
ما هلك قوم حتى…
قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما هلَكَ قومٌ حتى يُعذِروا من أنفُسِهِم" أي أُقيمت الحُجة عليهم، ولم يبق لهم عذر في ترك العمل بالحق، حتى أن أحدهم لا يجد ما يعذر به نفسه التي بين جنبيه.. قال الطيبي: "فكأنهم أعذَرُوا من يُعاقبُهُم"! قال أبو الدرداء رضي الله عنه: "ما...
أفمنوا مكر الله؟
لن تجد أبلغ ولا أعجب من مكر الله، إذا أراد الله عز وجل نكايةً بأحد أوقعه في البلاء من حيث لا يشعر! "أفأمنوا مكرَ الله فلا يأمن مكرَ الله إلا القومُ...
المؤمن يقاتل بدينه
للشعراوي كلام عجيب في التدافع بين الحق والباطل.. مُلخصه أن التدافع "لو كان فعلًا بين حق لله وباطل حَكم الله بأنه باطل؛ فلا بُدّ أن ينتهي بنُصرة الحق، وغالبًا لا تطول هذه المعركة؛ لأن الحق في ولاية الله.. إنما الذي يطول؛ المعارك بين باطل وباطل، فليس أحدهما أولى بنُصرة...
حرمان المشاعر الفطرية؟
لا يُحرم مشاعر الناس الفطرية إلا من تطرف في البُغض أو المحبة وغالى فيها. لن تجد فاجرًا في الخصومة إلا وهو غالٍ في البُغض أو غالٍ في المحبة.. قلّ أن ينجو من يغلو في البُغض أو المحبة؛ مِن تطرف في الذم أو تطرف في المدح! البقاعي حين أتى على تفسير قول الله تعالى: "اعدِلوا...
عن أقدار الله المؤلمة
إيّاك أن تغفل عن أن الله عز وجل يصنع بهذه الأقدار المؤلمة؛ نَصر هذه الأُمة.. تَشرُد فيُعيدها، وتنسى فيُذَكِّرها، وتعوَج فيُقيمها! "وقد مكَرَ الذين من قبلهم فلله المَكْرُ جميعًا يعلمُ ما تكسبُ كُلُّ نفسٍ وسيعلمُ الكفارُ لمن عُقبى الدار" قال البقاعي: "حين نأتيهم ضدَّ...
رغم ألم فقد “هنيّة”
رغم ألم الفقد.. ليس أجلّ ولا أعظم من الاصطفاء في معارك الحق العظيمة الكبرى، هذه النهايات التي يُحسد الناس عليها. هذه الملايين التي تدعو لك وتستغفر وتتألم عليك؛ بشارة لكل مؤمن ثَبَت؛ بأن الأثر الصالح لا يُنسى ولا يزول ولا يضيع، لا عند الله عز وجل ولا عند الناس. قال...
“جحر الضب”
"جُحر الضب".. مثال ضربه النبي صلى الله عليه وسلم للموافقة على عَمى وعدم مبالاة، فحتى لو صار المتبوع إلى جُحرٍ واضح ضيقه وقذارته وضوح الشمس؛ صرتم إليه! كأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: أين عقولكم يومئذٍ؟! فمصلحة طلب الضبّ أو منفعة تتبعه؛ غير معتبرة أصلًا.. فوجه...
فتنة “الحدادية”
من أسوأ تأثيرات فتنة "الحدادية"؛ تخريب نفوس الناس.. رغم إن مقصد من مقاصد الدين؛ تعمير نفس المؤمن بالسكينة! حجم الخصومات التي يَدخلون فيها ويجرون إليها أتباعهم فوق احتمال أي نفس سوية! إحدى النصائح العبقرية للفُضيل بن عياض، حين جاء إليه رجل يشكو إليه آخر فقال: "اعفُ...
بين الجزع والألم
بعض الناس يتصور أن "الجَزع" الذي نهت عنه الشريعة يعني ألا يتألم ويحزن.. وليس هو كذلك، ألا تجزع يعني ألا يقطعك الألم عن العمل! وما أبدع تعريف الراغب بأنه "حُزن يَصرف الإنسان عما هو بصدده".. فالشريعة تذم الجزع ولا تمنع الحزن والألم، لأنهما ينشأن عن الرحمة ورقة الطبع.....
فضيلة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
لن تجد فضيلة لأُمة الإسلام، بعد التوحيد، تعدل فضيلة "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"! لابن تيمية كلام عجيب في شرح حديث: "لتُنقضن عُرى الإسلام عروةً عروةً، فكلما انتقضت عروة تشبث الناسُ بالتي تليها".. ذَكر أثر عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "إنما تُنقض عُرى الإسلام عروةً...
عن الموت
الإنسان مجبول على كراهية الموت، لذلك لا يُحب ذكره، قال البقاعي: "كأنه لا يَنفِرُ إلا منه" ذلك قول الله تعالى: "ذلك ما كُنتَ منه تَحيد"! ورغم أنه حقيقة متيقنة لكن يصعب علينا أن نستوعب حقيقة أن لا قواعد له ولا قوانين.. لذلك يصدمنا موت أحدهم فجأة أو في سن الشباب والصغر!...
أشباه الظالمين
قال الله تعالى: "احشروا الذين ظلموا وأزواجَهُم وما كانوا يعبدون من دون الله فاهدوهم إلى صراط الجحيم" قال المفسرون: أزواجهم = أشباههم وأعوانهم! أُلحِق كل امرئ بشيعته، وجُمع النظيرُ بنظيره.. في الأثر: "إذا كان يوم القيامة قيل: أين الظلمة وأشباههم؟ فيُجمعون في توابيت...
الربا والفوائد: المُشاكلة وسؤال التحريم
من آكد المحظورات في الشريعة: أكل المال بالباطل، وقد تكرر تعظيم النهي عنه في القرآن الكريم والسُّنة النبوية في مواضع عدة وبصور شتى، لتأكيد أصل عصمة الأموال، بل شددت الشريعة على هذا الأصل بأغلظ أنواع التحريم والتجريم، فإذا ما تدنست نفس إنسان بأكل حق من حقوق الناس...
حول الأسباب والتوكل
أكمل من توكل على الله عز وجل نبينا، وهو صلى الله عليه وسلم أكمل من أخذ بالأسباب! من القصص العجيبة التي ربما لا يُنتبه لها في أخذه بالأسباب أنه حين همَّ بدخول بيت المقدس بعدما أُسري به إليه بالبُراق؛ ربطه بالحلقة ثم دخل المسجد! فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يخف أن يفر...
أحب الكلام إلى الله
في بعض المرويات أن "الله أكبر" هي أحب الكلام إلى الله تعالى، ومن عظمتها أنها على إيجازها تُفيد الإخبار في وصف ربّ العزة، وتُفيد الأمر عنه تعالى، وبها يتحقق للمؤمن تعظيم الله عز وجل وشكره، فذلك قوله: "لِتُكَبِّروا اللهَ على ما...
عن معاني الحج
رغم أن معاني شعائر الحج يصعب على الذين نشأوا في أحضان المادية الغربية إدراك مغزاها وتقبلها نظريًا؛ إلا أن أثرها في نفوسهم يكاد لا يُمحى ولا يتكرر! حتى أن كبار الكُتّاب والمفكرين الغربيين أفردوا فيه كتبًا ومذكرات، مثل: مراد هوفمان وزينب كوبلد ومحمد أسد وتاكيشي سوزوكي...
اتصال نفوس المؤمنين
الدماء الزكية في السودان هي نفسها الدماء الزكية في غزة، ما تستطيعه لهذه لا تبخل به عن تلك.. لا تكن أسير الصورة، لو أغفلتهم كل كاميرات العالم لا تغفل عنهم قلوب المؤمنين، لو لم تراهم العيون؛ تراهم النفوس.. نفوس المؤمنين متصلة وقلوبهم موصولة "والمؤمنون والمؤمنات بعضهم...
فيمكث في الأرض
الشيخ سمير مصطفى فرج الله عنه وأبعد عنه كل سوء، يُمثل حالة فريدة من الدعاة، رغم أن أكثر كلامه في الزهد والرقائق، لكن عنده مَلَكَة عجيبة على تقريب الدين للناس وتعبيدهم لله عز وجل وجعل "الإخلاص" لله و "الولاء والبراء" على الله؛ مرتكزًا في حياتهم! أتذكر أول مرة سمعتُه...
أبو الدرداء الذي لا يفتر
من الصحابة الذين يحْسُن أن نتذكرهم في محنة "غزة"؛ أبو الدرداء رضي الله عنه.. كان فيه صفة آسرة نادرة، هي أنه كان "لا يفتُر"! رُوِي عنه من أكثر من وجه أنه كان لا يفتُر من الدعاء لإخوانه، ولا يفتُر عن الذِّكر.. قيل له: إنك لا تفتُر عن الذِّكر، فكم تُسبح في اليوم؟ قال:...
لا يُنصرون
حم لا يُنصرون.. قال القُشيري: "المؤمن لا يزداد بنفسه ضعفًا إلّا ازداد بقلبه قوة".. أي لا يزيد ثباتًا وقوة إلا إذا أدرك حقيقة نفسه، ولا يُدرك حقيقة نفسه إلا من أدرك حقيقة من يعبد.. فإن المؤمن يواجه بالله عز وجل لا بنفسه، ومن قاتل بالله لم يُغْلَب! اللهم بك نصول وبك...
المدافعة وحفظ الأرض
هدم الصهاينة للمساجد وتدنيسهم لها وإحراقهم للمكتبات، كما فعلت أوربا في حروبها مع بعضها من قبل وحين استعمرت بلاد المسلمين؛ يدُلُّك على عظمة دين الإسلام وعظمة شريعة الجهاد.. من أجلّ ما يَذكُره العلماء في تشريع الجهاد، ويدلّ على أن الإسلام دين الحق.. استدلالهم بقول الله...
عواقب الأمور
صار عندي قناعة أن أكثر عجز الإنسان من المبالغة في النظر في عواقب الأمور.. لذلك قال بعض السلف: "النَّظرُ في عواقبِ الأمور من أحوال العاجزين، والهجوم على المواردِ من أحوال السَّائرين"! فمن جعل نظره في العاقبة حيث مراد صاحب الأمر تعالى وما أمر به عز وجل، وتوكل؛ حصلت له...
عن الصدور والقبور
من التفسيرات البديعة لابن تيمية، تفسير قول الله تعالى: "أفلا يعْلمُ إذا بُعثِر ما في القبور، وحُصِّلَ ما في الصُّدور".. قال: "جمعَ سبحانه بين ما في القبور وما في الصدور، لأنه لا يكون في القبر إلا بحسب ما في القلب، فكلما كان الإيمان في القلب أعظم كان في القبر أسرّ...
قانون الأسباب عند المسلم
من الدروس اللافتة للنظر في أحداث "غزة"؛ قانون الأسباب عند المسلم.. فهذا القانون لا يعتمد على قوة الأسباب ولا وضوحها ولا حب الإنسان أو كراهيته لها.. بل يعتمد على الرصيد الإيماني عنده، فربما تأتي الأسباب ضعيفة جدًّا بحيث لا ينتبه لها كل أحد، فيغفل عنها أو يستقلها ويُفرط...
“وأملي لهم”
لماذا يُطيل الله تعالى أعمار الظلمة والفسدة؟ لماذا لا يُريح عز وجل العباد منهم؟! في تفسير قوله تعالى: "وأُمْلِي لهم".. من أشهر وجوه تفسيرها؛ أن الله عز وجل يُبقيهم في الدنيا مع إصرارهم على الطُغيان؛ إلقاءً لهم في ورطةِ التكليف! فيُطيل أعمارهم، ويُمكِّنهم من المعاصي،...
حول “الاستعمال”
الذي يسأل الله عز وجل "الاستعمال"؛ يستعمله إذا وضع نفسه مواضع الاستعمال! قال تعالى: "والذين جاهدوا فينا لنَهْديَنَّهم سُبُلَنا".. من أبدع ما قيل في وجوه تفسيرها أن المؤمن الذي يعمل بما يعلم ويصبر على الخير الذي يُلْهَمه؛ يهديه الله عز وجل ويفتح له ما لا يعلم! وفي...
متين
"مَتين".. تأمل هذه الكلمة، التي هي خليط من معاني القوة والشدّة والرسوخ.. وردت في القرآن ثلاث مرات، كلها في جانب الله عز وجل، مرتين منها في وصف كيده تعالى، إذ قال: "وأُمْلِي لهم إن كَيْدي مَتين"! فسِرّ متانة الكيد هنا، ليس في العقاب، بل في "الإملاء" نفسه كما عَبرت...
عن الأخذ بالأسباب
يتصور بعض الناس أن الأخذ بالأسباب = وقوع النتائج، فإذا لم تقع؛ سَخِط وتذمّر، أو نفر عن الأسباب والأخذ بها! يتعلق بالقوة، فإذا تأخر النصر سَخِط وشك في القوة التي بين يديه.. يتعلق بالسعي، فإذا مُنع الرزق تذمّر وارتاب في السعي الذي أقبل عليه! وهذا من نكد العيش، يظل...
بين “التنمية البشرية” والصبر
من حيث الفقر والغنى.. فأفقر "خطاب" يُمكن أن تسمعه هو خطاب "التنمية البشرية".. خطاب بائس لا يجد له أصل سوى في الأفكار المادية الغربية القديمة التي عفا عليها الزمن! فتصوره عن "القيم" فقير، وفهمه لرُقي النفس قاصر، واستيعابه للنعم والأرزاق والسِّعة والغنى ضعيف للغاية!...
عن الولاء والبراء
لن تجد أمرًا اعتقاديًا أكثر ذكرًا في القرآن بعد توحيد الله عز وجل؛ من الولاء والبراء! هذا النظام الاعتقادي، الذي على قدر ما يبدو عليه من شدّة؛ يحمل معاني جمالية لا تجدها في أي نظام آخر.. فالمغزى من الولاء والبراء؛ تحرير المؤمنين وتوحيدهم! فالشريعة حية مقصدها من تعبيد...
مثل المؤمن كمثل الخامة
"مثل المؤمن كمثل الخامة من الزرع، تقيمها الرياح تُقوِّمها تارة وتُميلُها أخرى، ومثل المنافق كمثل الأرْزِة لا تزال ثابتة على أصلها حتى يكون انجعافُها مرةً واحدةً"! مثال ضربه النبي صلى الله عليه وسلم، لما يُصيب المؤمن من هموم وبلاء وضعف وفتور، وقديمًا قيل: "المؤمن لا...
“بالرجل الفاجر”
"إن الله يُؤَيّد هذا الدِّين بالرجل الفاجر وبأقوامٍ لا خَلاقَ لهم" في هذا الحديث أربع حقائق إيمانية مهمة: خلق الله تعالى كلهم مأمور، البر والفاجر، السماء والأرض، كل خلق الله مأمور بأمره، غَلبت مشيئته المشيئات، وانكسرت لإرادته الإرادات، وأعجزَ قضاؤه الحيل! حقيقة أخرى...
عن الشهادة
رغم أن مفهوم "الشهيد" موجود في غير الإسلام، لكن تصوره في الإسلام عجيب.. ولذلك لم تُشكّل الشهادة حافزًا في أي معتقد مثلما فعلت في دين الإسلام، حتى الوطنية العربية حين أرادت الاستفادة من هذا الحافز لم تصلح بنفسها، واستدعت الدين لهذه الغاية! فالقرآن لم يُنه عن تسمية...
بين الهَدي والرزق
من القواعد الجليلة في الدين أن الهَدي أعظم من الرزق والنصر، لأن الرزق والنصر منفعتهما في الدنيا أكبر، ومنفعة الهداية في الآخرة أكبر.. ولذلك كان من أقدار الله عز وجل أن يُضيق على بعض الناس في الرزق أو يُؤخر عنهم النصر؛ طلبًا للهداية، وهو يعلم أن هُداهم لا يكون إلا...
الله أكبر ولله الحمد
كم هي جليلة وعظيمة "الله أكبر، ولله الحمد".. لا تُرفع إلا فَجَّرت في النفس عِزة عظيمة.. "الله أكبر" غرس الجنة، ومفتاح الصلاة، وشعار المسلمين في انتصاراتهم وفي أعيادهم! لنتذكر دائمًا أن الله أكبر من الهموم والأحزان، الله أكبر من الظلمة والجبابرة، الله أكبر من الأملاك...
الأعمال بالخواتيم
من جماليات الشريعة، أن العبرة فيها بالخواتيم.. فهي تُراعي السبق في الخيرات لكنها ترهن الأجر بالخواتيم. ومن إبداعات ابن تيمية في بيان السِّر في أن "الأعمال بالخَواتيم" قوله: "لأن جميع الحسنات تُحبَط بالرِّدَّة، وجميع السيئات تُغفر بالتوبة.. فتحسينُ خاتمة العمل أولى من...
زكاة الفطر ومسئولية الإنفاق
بمناسبة الجدل حول زكاة الفطر وكيفية إخراجها.. من الأمور المُلفتة للنظر في الشريعة، ومن محاسنها في قضية المال؛ تركيزها على مسألة "صرف" المال! ستجد أن اهتمام الناس والنُظم غالبًا ما ينصب على مسألة "كسب" المال، والتشديد على أهمية أن يكون جائزًا ومشروعًا، وهذا أمر اهتمت...
السؤال بالنعمة
من أجَلّ ما يُسأل الله تعالى به؛ سؤاله بالنعمة.. لذلك في حديث سيد الاستغفار الذي هو من أعظم الدعاء: "أبوءُ لك بنعمتِكَ عليَّ وأبوءُ بذنبي"، أي كما أنخلع من اغتراري بنفسي؛ أُقرُّ بعيوبي! فالافتقار يوجب الانكسار، ومشاهدة المنّة تستجيش المَسْكَنة.. قال ابن القيم: "وأقرب...
عمود الدين وذروة سنامه
من جوامع دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، قوله إذا عاد مريضًا: "اللهم اشفِ عبدك؛ يشهدُ لك صلاةً وَيَنْكَأُ لك عدوًا"! فجمع بين عمود الدين، وذروة سَنَامه.. ولخص كل وظائف المؤمن في الحياة؛ العبودية ورفع اسم الله في الأرض، جمع بين الولاء والبراء في أبعد غايتهما؛ الطاعة مع...
وإن تتولَّوا
"وإن تتولَّوا يَستبدلْ قومًا غيرَكم ثم لا يكونوا أمثالَكُم" إذا تأملت هذه الآية، تعلم حقيقة غريبة؛ أنه رغم مرارة سُنة "الاستبدال" وشدّتها على من بُدّلوا؛ إلا أنها رحمة بالمؤمنين! فالاستبدال لم يُذْكر في القرآن إلا عند الكلام عن نُصرة الدين ونجدة المؤمنين، وفي الموضعين...
حتى يُعذرِوا!
قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما هلَكَ قومٌ حتى يُعذِروا من أنفُسِهِم"، أي أُقيمت الحُجة عليهم، ولم يبق لهم عذر في ترك العمل بالحق، حتى أن أحدهم لا يجد ما يعذر به نفسه التي بين جنبيه.. قال الطيبي: "فكأنهم أعذَرُوا من يُعاقبُهُم"! قال أبو الدرداء رضي الله عنه: "ما...
تهوين الباطل يُفضي إلى ذهاب الحق
أكثر العبرة من تكرار الاستعاذة من صراط "المغضوبِ عليهم" و "الضَّالين" في كل صلاة؛ إدراك أن معرفة الحق تقتضي تجنب الباطل، وإقرار الحق يستلزم بُغض الباطل، لأن تهوين الباطل يُفضي إلى ذهاب الحق. هذه القاعدة تستطيع أن تُطبقها على كل باطل يهون في نظرك، سواء كان واضحًا...
شعور العبودية
من أصول تربية المسلم لنفسه وأهله، وتزكية النفس في زمن الابتلاء خاصةً؛ ألا يستسهل سؤال: لمَ أمرَ ربُّنا؟، فالمؤمن يوطِّن نفسه على سؤال: بمَ أمرَ ربُّنا؟ من الحصون التي يجب أن تحفظها داخل نفسك؛ شعور أنك عبد لله عز وجل.. الذي يُرسخ هذا الشعور، ويزيد الانقياد؛ سؤال "بمَ...
الغُربة
من ركائز هذا الدين؛ الغُربة .. شعور المؤمن بالغُربة أصل! إدراك هذا الأصل والانسجام معه أكبر ما يعصم من تطويع دينه للواقع، وترقيعه برضا الناس وتحاشي سَخطهم، كان ابن القيم يقول: "فالإسلامُ الحقيقيُّ غريبٌ جدًّا، وأهلهُ غرباءُ أشدُّ الغُربة بين الناس"! والنبي صلى الله...
منَّة التمكين!
"ونُريدُ أن نمُنَّ على الذين استُضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمةً ونجعلهُم الوارثين" وكيف يجتمع استضعافهم، مع إرادة الله عز وجل المنّة عليهم؟! لأن منَّة الله تعالى عليهم بتمكينهم ممن استضعفهم قريبة الوقوع؛ فإرادة المنَّ عليهم ملازمة لاستضعافهم! تضيق بهم الأرض، وأسباب...
النية وتهذيب النفس
"إن يَعلمِ اللهُ في قلوبكم خيرًا يُؤتِكم خيرًا" من أعظم جماليات الدين، وأهم أسباب تغيير طِباع الإنسان وتهذيبه وتربيته وإصلاحه؛ "النية"، وقديمًا قيل: انْوِ الخير تجد الخير! لا تكاد تجد منظومة في الدنيا تُقيم لها وزنًا أو اعتبارًا أو تعوّل عليها.. لكن الإسلام كما يُقيم...
ساعة العُسرة: في مغزى النص القرآني ودلالات الحدث النبوي
لعل السؤال الذي يتكرر دومًا في أذهاننا: ماذا يجب أن نفعل في ظل ما نشعر به من عجز تجاه إخواننا في فلسطين، ومثلها السودان وسوريا، باختصار سؤال "ما الحل"؟ لكن ثمة سؤال آخر جوهري يتعين التفكير فيه، قبل البحث عن إجابة للسؤال السابق، هو: ماذا تُمثل هذه المحنة لنا؟ وهنا أمر...
الظلم والفقر
من قَصص القرآن العجيبة التي تربط بين الفقر والظُلم كأنها تصف لنا الواقع؛ قصة أصحاب الجنة! القصة التي بدأت بالاجتماع على منع حق الله تعالى وحق الضعفاء، وانتهت بأن أقبلَ "بعضهم على بعضٍ يتلاومون"! لماذا استحقوا الحرمان، وسلب النعمة، ومحق البركة، "بل نحن محرُومون"؟ لقد...
الأخلاق النبيلة
من سُنن الله عز وجل في النفس؛ أن المشاعر النبيلة تبدأ بالتكلُّف وتنتهي بالانشراح، فانقياد النفس للنقائص سهل وسريع، وحصول المكارم صعب وشاق! فالذي لا يتكلّف المروءة؛ يتصاغر، والذي لا يُرغم نفسه على الرضا؛ يسخط.. لاحظ مثلًا، أمر القرآن بالصبر؛ بـ "اصطبر" بعض المفسرين...
العجز والاستطاعة
من دقائق الشريعة أن كل مساحة عجز لابد أن تُقابلها مساحة استطاعة، وإن قلت! فالمسلم لا يصير عاجزًا تمامًا إلا بالموت، وتأمل مثلًا كيف أن إنكار المنكر؛ مراتب، فمن تعذر عليه عمل اليد؛ تبقى له عمل اللسان، ومن فاته عمل اللسان تبقى له عمل القلب والمشاعر. فالمسلم لا يخلو عن...
الإيمان أصل أسباب المودة
"إنَّ الذين أمنوا وعملوا الصالحاتِ سيجعلُ لهُمُ الرحمنُ وُدًّا" يقول البقاعي في أحد وجوه تفسيرها: "أي حُبًّا عظيمًا في قلوب العباد، من غيرِ تودُّدٍ منهم ولا تَعرضٍ للأسباب التي تَكسبُ بها الناس موّدات القلوب من قرابة أو صداقة أو اصطناع غيره"، قال ابن تيمية: "الودُّ...
دار كَدَر!
مما يُعين على تجاوز آلام الأيام والحزن الذي في القلوب؛ توطين النفس على أن الدنيا دارُ "كَدَر"! انظر كيف أن الله عز وجل بقَسَمٍ بعد قَسَم يقول: "لقد خلقنا الإنسانَ في كَبَد"، أي لا ينفك عن التعب والشدّة والعجز، وهذا لزوم التمحيص، وإدراك أن الدنيا ليست مُستقَر ولا يدوم...
المؤمن القوي
من وصايا النبي صلى الله عليه وسلم البليغة؛ "المؤمنُ القوي خيرٌ وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كلٍّ خير، احرص على ما ينفعك، واستعنْ بالله، ولا تعجز"! فمناسبة قوله: "ولا تعجز" مع قوله: "المؤمنُ القوي"، أي خذ بأضعفِ الأسباب واستعن بالله، ولا تعجز عن الحرص...
عصر العلم والانحطاط
كانوا يقولون هذا عصر العلم وحقوق الإنسان، ويوهمون الناس بأن العالم بالعلم سائر إلى الرفاهية والسعادة اللانهائية.. فإذ بالجاهلية أشرف منه، وإذ به عصر الجهل والظلم والانحطاط الأخلاقي والظلام! أي خسارة خسرها العالم بانحطاط الشرق والبُعد عن شريعة رب العالمين! "فمن اتَّبع...
أعدل العدل
أعظم الوفاء وطيب العهد، ما كان مع الله عز وجل.. أن تتبرأ من حولِكَ وقوّتكَ، لا عند سؤال النعمة فحسب، بل بعد حصولها كذلك، وبعد زوالها.. أن تذكر المنِّة في أيام الشدّة، وتستحضر العطاء في أوقات المنع، ولا تنسى العزة حين الألم، أن ترى أنه لولا ألطاف الله ما كان لك أن تصير...
الدين وأساسيات الحياة
من دقائق الشريعة ومعانيها العظيمة.. أنها لا تترك شيئًا أساسيًّا في حياة الناس، معنويًا كان أو ماديًا، إلا ربطته بمعنى ديني عقدي أو تزكوي تربوي! لننظر مثلًا لموضوع "النصر" ، ولاحظ تعبير القرآن بـ "إلّا مِن عِنْدِ اللَّه".. وكيف أنه يرتبط لزومًا ويُشتق من اسم من أعظم...
وتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأسباب!
في الأثر: "خالطوا الناس وزايلوهم".. أي خالطوهم ولا تتأثروا بهم في القول والعمل، خالطوهم بالأبدان وزايلوهم بالقلوب.. يزعجني دومًا صنف الناس "الإمعة" السبهللة عبد المشاهير وأصحاب السلطة والمال، تأمل قول الله تعالى: "إذ تبرأ الذين اتُّبِعُوا من الذين اتَّبَعُوا ورَأوُا...
هي أشياء لا تُشترى
"هي أشياء لا تُشترى".. هذه الكلمة العبقرية لأمل دنقل تختصر لك كلامًا كثيرًا حول أن بعض احتياجات النفس لا تُجبر ولا تُعوض، خاصةً إذا مست المروءة أو عزة النفس أو الرضا القلبي! حتى إن إبراهيم السكران فرج الله عنه، في كتاب "مسلكيات" حين أراد أن يختصر كلامه حول أوهام بر...
عِلم الآخرة
"يعلمونَ ظاهرًا من الحياةِ الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون".. لا توجد آية تتضمن مدحًا للذكاء والنباهة ونحوها من الصفات الفردية التي يتبارى فيها الناس وتُمتدح لأجلها عقولهم؛ إلا هذه الآية تقريبًا.. ومع ذلك فقد جاء مدحها في سياق الذم! فلا الذكاء ولا النباهة ولا المواظبة...
لا صوت يعلو فوق صوت المعركة!
أكبر خيانة للمجاهدين والثابتين والصابرين على الحق؛ خيانتهم في الدين.. يُقدم أحدهم نفسه وما ملك لله تعالى؛ فنوالي ونُعادي نحن على غيره عز وجل! لا يوجد في الإسلام شعار "لا صوت يعلو فوق صوت المعركة"، المبدأ في الإسلام: "إن العين لتدمع وإن القلب ليجزع، ولا نقول إلا ما...
صناعة المشاهير وصناعة الوهم
صناعة المشاهير لها ثمن.. الأُمة التي تُزكي دون حساب تدفع ضريبة ذلك خُذلان وصدمات! لذلك لاحظ براعة الشريعة في نهيها عن "المدح" والإطراء بلا سبب أو الزائد عن حدّه، وكيف أنها بالغت في ذلك، حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم: "احثوا في وجوه المداحين التراب"! وحين سمع أحدهم...
لهُدِّمت صوامعُ
سبحان الله، هدم الصهاينة للمساجد والكنائس وتدنيسهم لها، كما فعلت أوربا في حروبها مع بعضها من قبل وحين استعمرت بلاد المسلمين؛ يدُلُّك على عظمة دين الإسلام وعظمة شريعة الجهاد. من أجلّ ما يَذكُره العلماء في تشريع الجهاد، ويدلّ على أن الإسلام دين الحق.. استدلالهم بقول...
النُصرة و “لا إله إلا الله”
مهم نُدرك أن نُصرة هؤلاء المظلومين في غزة والسودان وسوريا وبلاد المسلمين، والعمل التي نبذله لهم، والمشاعر التي نبذلها فيهم؛ ترتد كلها لـ "لا إله إلا الله"، شهادة "لا إله إلا الله، محمدٌ رسول الله" هي التي أوجبت علينا حقوقهم. "لا إله إلا الله" سبب موجب للولاء والبراء،...
من كنوز الإحسان
من عباد الله عز وجل الذين أكد في كتابه على محبته لهم "المُحْسِنين".. أفردهم تعالى بهذا التأكيد في خمسة مواضع من كتابه العزيز، بخلاف مواضع كثيرة أخرى كرر فيها أنه لا يضيع أجرهم، وأخرى أنه يزيد في أجورهم، وأخرى بشرهم فيها، وأخرى جعل الأنبياء فيها في زمرتهم! من كنوز...
المؤمن “بالله”
من علامات المؤمن في أزمنة الغُربة؛ أن يرى ما لا يراه غيره، ويهتدي إلى ما لا يهتدي إليه غيره، في الحديث: "إن الدجال مكتوبٌ بين عينيه كافر، يقرؤه كلُّ مؤمنٍ"! المؤمن يرى بالله، ومن كان كذلك حيَّر الخلائق في إيمانه وأفعاله.. هذه المشاهد الأسطورية في العزيمة والثبات التي...
إنَّا كفيناك المُستهزءين
خطاب الاستهزاء واللمز بالمجاهدين في "غزة" ذكرني بقول الله تعالى حكايةً عن المشركين: "وقال الذين كفروا هل نَدُلُّكم على رجُلٍ يُنبِّئُكم إذا مُزقتُم كُلّ مُمزقٍ إنكم لفي خلقٍ جديد".. أرادوا أن يحقروا من دعوة النبي صلى الله عليه وسلم فنكروه بقولهم "على رجُلٍ" وهم يعلمون...
العلوم والأسلمة
لا ريب أن أهم منجز للنظام المعرفي الإسلامي، هو التفاعل بين مجالات المعرفة المختلفة، ودمج العلوم بعضها ببعض، فكل منها يُؤثر في الآخر، حيث يستند كل مجال معرفي على آخر ويؤدي إلى آخر، وأقصد بالدمج هنا؛ اختلاط العلوم بلا تنافر ولا تعسف وتبادل الفرضيات واستعارة الأدوات، فلم...
إصلاح المال: الرُّشد الإسلامي والاقتصاد المأزوم
تتفق الرؤية الإسلامية مع الاقتصاد المعاصر في أن السوق هو القوة الدافعة للاقتصاد، لكن الفارق الجوهري في التصور الإسلامي أنه يرى العمل أساس هذه القوة وليس المال، فالمال وإن كان ذا قيمة في الإسلام، إلا أنه لا يصح أن يكون محرِّكًا وموجِّهًا، بل هو تابع للعمل وهذه التبعية...
ولكنَّ اللهَ رَمى!
نحن نعيش في "غزة" معجزة والله.. إذا أردت أن تعرف معنى "ولكنَّ اللهَ رَمى" انظر لهذه الملابس البالية التي سَترتْ نفسًا عملاقة من أغلى النفوس على الأرض، والنعل الذي ينتعله في قدمه، والعِصابة التي عَصبَ رأسه بها، والسلاح البسيط الذي يحمله، بلا دروع ولا تترس ولا طائرات...
لنهدينَّهُم سُبُلنا
ما تراه من مشاهد التوفيق العجيبة لإخواننا المجاهدين في "غزة" ما هو إلا بركة واحدة من بركات الجهاد! خذها قاعدة أكثر بركات الجهاد وأعظمها غير محسوس.. يدفع الغم، ويُثبِّت الفؤاد، ويُزَكّي النفس، ويُحق الحق، ويُبطل الباطل، ويُذهب غيظ القلوب، وفي الحديث الصحيح: "مثل...
إلف المأساة!
من قسوة القلب "إلف المأساة".. من الإيمان أن لا يهون عليك مُصاب أخيك، مَرَّ النبي صلى الله عليه وسلم بنساء يَبكينَ موت بعض الصحابة يوم أُحد فقال: «لكن حمزةَ لا بواكيَ له»! ليس أثقل على أخيك من أن تألف مأساته، وتجعل شِدّته وراء ظهرك، ألا ترى أن مما ورد من دعاء النبي صلى...
والعاقبةُ للمُتقين
من أهم السُّنن الإلهية التي يجب على المؤمن استحضارها في حركته، خاصةً في هذا الزمان؛ "إن الأرضَ للهِ يُورِثُها من يشاءُ من عبادِه والعاقبةُ للمُتقينَ" فالأرض مُلكه، إذا كان خَلْقها وبَسْطها يسيرًا عليه؛ فتمكين عباده المؤمنين منها أيسر وأهون! يقول الطاهر بن عاشور: "من...
الجهاد.. وتزكية النفس
لو أن درسًا واحدًا يمكن أن نستفيده من أخلاق معاملة إخواننا في غزة للأسرى ومشاهد خروجهم العزيز.. فسيكون أثر هذه الشعيرة المُباركة "الجهاد" في تزكية النفس. أهم ما في التزكية في الإسلام أنها لا تطلب السلوك فقط من ترك معاصٍ وفعل طاعات، بل الأهم أنها تستجيش المشاعر وتطلب...
موازين المؤمن
آلاف الشهداء في "غزّة" نظير عشرات المُفرج عنهم! كيف يُسمى هذا "نصر"؟! أهم ما فعله الإسلام في الصحابة أنه قوَّض كل الحسابات المادية في أعينهم، ومن ذلك فكرة "العدد".. فحين تكلم عن العُدة "كمْ من فئةٍ قليلة غَلبتْ فئةً كثيرة بإذن الله".. وحين تكلم عن الإنفاق: "أنفقْ...
غزة.. والعهود الربانية
لا يمكن تستوعب أحداث "غزة" الأخيرة التي تجري بعيدًا عن العهود الربانية وانعكاساتها في النفس الإنسانية، وهذا أهم ما يُميز نظرتكَ للأمور باعتبارك "مسلمًا". مثلًا، من يُنضالون في صف هذه القضية الفلسطينية، لا يمكن أن تفهم جيدًا هذا التمييز والتمحيص بعيدًا عن فكرة "اصطفاء"...
قد يعلمُ الله المُعوِّقين منكم
في أزمنة العزة والكرامة، ثمة نوع من الناس مهم تحذره وتُحقِّر منه ما استطعت، أخبرنا الله عز وجل عنه بقوله: "قد يعلمُ الله المُعوِّقين منكم".. نوع من المنافقين يُنبهنا تعالى لوضاعَتهم ومحاولتهم صناعة العجز في زمن الانتصار؛ باللعب على ضعف الناس وخوفهم ورقة طبعهم في وقت...

