من أسرار القرآن العجيبة المجربة أنك لا تقرأ آياته في أي حال كنتَ إلا وجدته طيعًا لك كأنه أُنزل إليك.. يُسَكنك، ويداويك، ويعظك، ويذكرك، ويمنيك، كأنه نبي أرسل إليك، وأوحي إليه بأسرار قلبك وخفايا نفسك.. ويكأن القرآن في طوله وعرضه لا يرى غيرك ولا غير ما أنت فيه حال تدبرك له!
انظر مثلًا لغضب المسلمين لبعضهم في أي بلاء يُصيبهم في بورما أو فلسطين أو غير ذلك.. تجد القرآن يخبرك من أنت ومن هو أخوك ومن عدوك، وفي أي صف يلزم أن تكون، كيف تكون البطولة وكيف تكون الخيانة؟!
يعلمك ويرشدك، وبحسب سعتك وطاقتك يرسم لك طريق العمل، يواسيك في المصاب ويصبرك على ما أنت فيه من الأسى، يُبشرك بالنصر ويُفجر فيك العزة!
في الوحدة يُؤنسك وفي الحزن يُبهجك، في الألم يخفف عنك وفي الشدة يهون عليك، لو كنت مظلومًا صبرك ولو كنت ظالمًا حذرك، لو كنت محسنًا بشرك ولو كنت مذنبًا ذكرك!
يقوي فيك الصفة الحسنة، ويقوض فيك الصفة السيئة، لو كنت جاهلًا خاطبك بقدر ما تفهم، ولو كنت متعلمًا أثار فيك الأفكار على قدر ما تعلم!
لذلك في قوله تعالى: “كتابٌ أنزلناه إليك مباركٌ” قيل: أي أن البركة لا تُفارقه، دائم الخير، كثير النفع، موجبٌ للإقبال عليه.