وقت القراءة 2 دقيقة
221 عدد المشاهدات
ثمة فكرة أساسية لا يمكن أن تبني تصورك عن الحجاب، أو تقنع أحد به دون اعتبارها، فهي مُسَلَّمة أساسية لا يمكن تجاوزها في أي نقاش عن الحجاب.. تلخصها بداية وختام آية الحجاب، التي بدأت بـ “الإيمان” وخُتمت بـ “التوبة”!
فتأمل كيف خص الله تعالى في الآية بـ “قل للمؤمنات”، ثم بعد أن علمهن شروط الحجاب وما يُستثنى منه؛ أمرهن بـ “وتوبوا إلى الله” ومعلوم أن التوبة من أعلى مقامات الإيمان..
لماذا؟!
لأن الحجاب في حقيقته فرع عن الإيمان..
ولتحاسب المرأة نفسها عن تقصيرها قبل الإيمان، ثم عن كل ما يفلت منها من اللمم – الذي لا يخلو منه مكلف – عند مراعاة شروط الحجاب واستثناءاته، لأنها مهما بالغت في الاجتهاد؛ فإنها واقعة في التقصير في حق الله ولا بُد..
فالإيمان والتوبة.. موجبان للإذعان والامتثال، لأن التحدي مع الشرع لا يخرج من مؤمن ولا مؤمنة أبدًا، إذ الإيمان والتوبة جوهر فكرة “التسليم”، والتسليم جوهر “الطاعة” والطاعة جوهر “التوحيد”!
فالجمال له قيمة معتبرة في الحياة، لكنها أدنى من قيمة “التسليم والطاعة”.. ولذلك فُضلت صاحبة الدين عن صاحبة الجمال في معايير الزواج في النظام الإسلامي في حديث “تنكح المرأة لأربع” وفي نهايته “فاظفر بذات الدين ترِتبت يداك”، بل فُضلت على كل مصادر السعادة الأخرى في الدنيا في حديث “خير متاع الدنيا المرأةُ الصالحة”!
بخلاف العلمنة التي تعتبر “الجمال” قيمة مركزية في الحياة، فتُقدس الموضة، وتأنف من الحجاب والمحجبات، وتعتبر عارضات الأزياء من صفوة المجتمع، وهكذا.. لماذا؟!
لأن التمتع بالجمال إفراز من إفرازات “الحرية”، والحرية إفراز من إفرازات تأليه “الذات (الإنسان)” الذي هي قوام العلمنة وغايتها الأساسية!
فعندما غاب التوحيد تمكنت الذات، وعندما غابت الطاعة تمكنت الحرية، وعندما غاب التسليم صارت قيمة الجمال أكثر أهمية من قيمة الحجاب!
فشعور المرأة بثقل الحجاب على النفس أمر طبيعي، لكن تحمله فرع عن إقرارها بحق الله تعالى فيما شرع، وقصور علمها وتقديرها أمام كمال علم الله عز وجل وحكمته وتقديره.. وهذا هو جوهر فكرة “العبودية”؛ الإمعان في تعظيم الخالق بالإمعان في الخضوع له وهو سر قول النبي صلى الله عليه وسلم: “حُفَّتْ الجنة بالمكاره” أي الشديد على النفس الذي لا تميل إليه بسهولة.. هذا هو جوهر شهادة “لا إله إلا الله”..
هذه محاضرة تناقش نفس الأفكار بشكل أوسع:
مركزيات الشريعة: ماذا تعني؟ وماذا تُمثل “الطاعة” لها؟