وقت القراءة 2 دقيقة
176 عدد المشاهدات
كم هو مخجل ومنحط أن يُساوَم الضعيف على عزته!
هذه نتيجة أن تمتلئ النفوس بالخوف، فلا يدع أي مساحة في نفوسنا ليسكنها الغضب، فنحتاج لوقت للتفكير نغضب أم لا نغضب أم ننتظر حتى يغضب غيرنا ليتحرك الغضب داخلنا؟! خاصة في مجتمع “الفردانية” التي يسود فيها شعار “أنا مالي”!
الناس تحتاج الدين، ليس فقط لغاية العبودية والآخرة، لكن لتسترد كرامتها، الدين يجعل المسلم فاعلًا عزيزًا حتى في أشد حالات ضعفه..
انظر مثلًا حين يتكلم الإسلام مع الأغنياء في الزكاة والصدقات؛ لا يتكلم عنها من منطلق أنه فَضل أو تفضل كما يُنْظر لها الآن بمنطق التسول.. إنما يتكلم عنها من منطلق “في أموالهم حقٌّ معلوم”!
وحين يتكلم عن قيمة الضعفاء في الأمة، لا يتكلم عنهم بوصفهم عبء كما تعاملهم الدولة الحديثة الآن.. إنما يتكلم عنهم من منطلق “هل ترزقون وتنصرون إلا بضعفائكم”، فهم سبب نصر حقيقي موجب لتفقدهم وإعانتهم ودفع البلاء والأذى عنهم! ومن ثمَّ لا يتكبر معط ولا يتذلل آخذ.
وحين يتكلم عن مظالم الضعفاء أمام الأقوياء، ليست العبرة بقدر الخصوم عند السُّلطة أو الأقدر على تجييش المحامين عنه، إنما يتكلم من منطق “إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه…”، ومنطلق “الضعيف فيكم قوي عندي (أبو بكر رضي الله عنه) حتى أرجع إليه حقه والقوي فيكم ضعيف عندي حتى آخذ الحق منه”!
وحين يتكلم عن مقاومة المظلوم للظلم، لا يُقوي في المظلوم القابلية للظلم والاستعداد للاستضعاف.. إنما يتكلم من منطق “ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها”، ومنطلق “من قتل دون ماله، ومن قتل دون دمه، ومن قتل دون أهله؛ فهو شهيد”!
هل سألتَ نفسك يومًا كيف حول النبي صلى الله عليه وسلم عرب الجاهلية إلى أمة لها شوكة في أقل من ربع قرن؟!
ربما تظن الأمر يحتاج لشرح ومحاضرة.. لكن أبدًا، النبي صلى الله عليه وسلم ببساطة شديدة قوض كل أشكال السيادة القائمة، وجعل كل قيمة دون قيمة الانتساب للدين.. فأصبحت “أخوة الدين” هي المرتكز، وباتت قيمة الإنسان من قيمة الدين! ولازم هذا الأمر أنه حرر إرادة المسلمين من تَبعات الرئاسة والوجاهة للسادة والأقوياء والخوف منهم والانقياد لهم.. فصار كل انقياد لغير الله انحطاط..
الإسلام يُربي المسلمين على العزة، ليس عزتهم كأفراد فحسب، بل عزة المسلمين ككل، لأن القيمة الأساسية في حياتهم هي “أخوة الدين”! فحين يُهان أخوك أمامك ولا تتحرك فأنت أيضًا مهان.. وهذا مقتضى العزة الجماعية للمسلمين “المسلم أخو المسلم لا يسلمه ولا يظلمه”!
فلا تستغرب أن يكون من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم “وأعوذ بك من قهر الرجال”، أي الغلبة، لأن الإنسان إذا غُلب ديست عزته وانحطت كرامته!
ربنا العزيز، وديننا عزيز، والمسلم عزيز؛ عزيز في نفسه عزيز لإخوانه..
ومنه تفهم لماذا يُحارب الدين؟! ولماذا يُراد إبعادك عنه؟!
ومنه تفهم لماذا يُحارب الدين؟! ولماذا يُراد إبعادك عنه؟!
لأن قيمة الأقوياء في المجتمع ستزول بحضور الدين، ومكانة الضعفاء سترتفع بارتفاع الدين.. الدين معناه ألا يكون لأحد فضل على أحد إلا بالتقوى، لا بالمنصب ولا بالمال ولا الدكتوراه ولا الشهرة.. إنما الوجاهة الاجتماعية للتقوى والسمع والطاعة لله.. لأن التقوى تتجاوز بك حدود البشر لتضعك عند حدود الله، والسمع والطاعة يتجاوز بك حدود العقل ليضعك عند علم الله، وبقدر ما يُلْجم الدين عزتك مع الله يُطلق عزتك في البشر..