وقت القراءة 2 دقيقة
238 عدد المشاهدات
إذا أردت نموذجًا تفهم به ما “الرأسمالية“؟! فلا أحسن من كرة القدم!
كرة القدم عبارة عن منتج، لا تُقدم فيه اتحادات الكرة والنوادي؛ مجرد مادة ترفيهية.. بل تستلب بتلك المادة عقول ومشاعر الناس بهدف صناعة المال، شأنها شأن الموضة والسينما!
كل دقيقة وكل انفعال معناه زيادة أموال الطبقة الغنية.. ولا أتكلم هنا بالمناسبة عن لاعبي كرة القدم، بل هم مادة للاستهلاك!
تأمل مثلًا كيف أن الموهبة وحدها لا تكفي لتكون تحت الأضواء أطول فترة ممكنة، بل القدرة على التحمل توازي الموهبة إن لم تكن أهم، لذلك تنتهي حياة اللاعب بضَعف هذه القدرة وزوالها.. لاحظ كيف تتضاءل قيمة اللاعب كلما كبر سنه، ويخبو ذكره حتى يختفي بعد شهرة!
كرة القدم تعتمد على الدراما والإثارة والتحدي، الناس تحب الفائز، والرأسمالية تحب الأرباح، وكلما زاد الفوز زادت الأرباح!
لذلك فاحتمال صعود أندية صغيرة يكاد يكون ضعيفًا للغاية، ما لم تستحوذ عليها شركة عملاقة أو رأسمالي مخضرم يمكنه الفوز.. لماذا؟!
لأن الرأسمالية لا تقبل مزاحمة الطبقات الكادحة أو العاملة..

حتى على مستوى الدول، من لديه القدرة على التجنيس أكثر قدرة على الفوز، وانظر مثلًا؛ فرنسا وانجلترا وألمانيا! لا يهم إذا كان اللاعب أسودًا أو لاتينيًا، مسلمًا أو هندوسيًا، المهم هل يمكنه الفوز أم لا؟!

بالنسبة لمحبي كرة القدم؛ هل فكرت يومًا لماذا لا تنجح في الغالب دعوات تحديد سقف لرواتب اللاعبين؟! وفي أحسن الأحوال توضع سقوف خيالية لا قيمة للتحديد بها..
لماذا؟!
لأن هذا ضد قانون الرأسمالية: “العرض والطلب”..
قرأتُ مقالًا أجنبيًا يحاول أن يُجيب عن سؤال: ما الفائدة من دوريات الدرجة الثانية! ونحوها بالطبع البطولات الضعيفة التي لا يتابعها أحد؟!
في النهاية أقر الكاتب بأن كرة القدم لعبة رأسمالية يجب أن يُكافأ فيها الناجح ويُعاقب فيها الفاشل.. ودوريات الدرجة الثانية ما هي إلا “عقاب” للفاشلين!
من عام واحد فقط حاولت بعض الأندية الأوروبية تنظيم بطولة خاصة؛ لتحقيق أرباح خارج المنظومة العادية.. لكن ماذا حصل لها؟!
قامت الدنيا ولم تقعد وانتهت مغامرتهم بالفشل.. لأن بعض التجار الصغار حاولوا التمرد على التجار الكبار من ملاك العقارات والشركات العابرة للقارات..
حتى ما حدث لأوزيل وإدريس غاييه وغيرهما من اللاعبين الذين تم إنهاء حياتهم الكروية، للأسباب الأيديولوجية المعروفة؛ ما هو إلا إفراز من إفرازات الرأسمالية، لأنها يكسرون أنماط الرأسمالية وقوانينها وشراكاتها التي تقتضي أن النادي يمتلك “أنفاس” اللاعب!
دعني أذكر لك مثالًا آخر أوضح لكسر الأنماط التي أقصدها.. ثمة “هدف” يكاد لا ينساه أي محب للكرة، هو هدف ماردونا بيده في كأس العالم.. تخيل أن عالم كرة القدم كله يعلم أن الأرجنتين فازت بكأس العالم بالغش حتى قال ماردونا نفسه بعدها بسنوات “يد الرب هي التي أحرزت الهدف”؛ لكن هل يستطيع أحد أن يقرر سحب هذه النتيجة؟!
بالطبع لا، هذه ليست حالة فردية فكثير من المباريات مليئة بالفضائح الأخرى.. ومع ذلك لا يمكن أن تطرح فكرة “الغش” كمدخل لتصحيح الأوضاع! لأن “الغش” نمط من أنماط الرأسمالية..
في النهاية، ماذا أريد من هذا الكلام؟
أريدك فقط أن تعلم؛ كيف تدخل الرأسمالية البيوت وكيف تتوحش وكيف تغير الناس؟!
Share via
Copy link