تعلق الناس بالدعاء مهيب وكاشف، الإنسان بسيط، وفطرته لا تثق إلا بالله وتوقن بأن تفريج الكروب وكشف الهموم ليس إلا بيديه، تشده الشدائد للأوبة إليه سبحانه شدًا، ويعرف في قرارة نفسه أنه مخلوق ضعيف عاجز لا يملك من أمره شيئًا!
سر التعلق بالدعاء عجيب، ومرده – في ظني – لعلاقة “الخلق” بين الإنسان وربه، هذه العلاقة الأبدية التي لا يمكن الانفكاك عنها ولو أنكرها الإنسان ما أنكرها، ولا تؤثر فيها معاصي ولا آثام مهما تعاظمت وتكاثرت طالما أُتبعت بالتوبة والأوبة، فهي رابطة أعظم من رابطة الوالدية والبنوة والأخوة.
فالإنسان بطبعه يوقن في أعماقه بهذه الصلة وفي نفسه حاجة ملحة للإحساس بها، ويسعد أيما سعادة إذا شاركه الآخرون هذا الشعور أو تضامنوا معه فيه، مهما تأخرت إجابة الدعاء! لأنه يُوقن أن كل الدعاء مُجاب مهما تأخر أو تغيرت صورة الإجابة، وهو كذلك ولابُد.
وهو أعظم شاهد على أن فطرة الإيمان هي الفطرة التي خُلق عليها الإنسان ابتداءً قبل أن يهتدي أو يضل.. وأن أكثر الناس تعلقًا بالدعاء هم أكثرهم حبًا لله ومحبةً من الله، ألا ترى أن الضعفاء هم أكثر من تلهج ألسنتهم بالدعاء وأكثر من يستَقْوون بالله، وهم من رهن عز وجل النصر والرزق بوجودهم والإحسان إليهم؟!
في الدعاء، الإيمان والعبودية والشكر والافتقار والرجاء والأُنس والثقة وحسن الظن والمعية، فكيف يخيب من تعلق قلبه به؟!
فاللهم قربنا إليك وحببنا فيك واحشرنا في زمرة الضعفاء إليك الأقوياء بك، واجعل ألسنتنا عامرة بذكرك وسُؤلك.