وقت القراءة 2 دقيقة
525 عدد المشاهدات

قَوّامونَ..

هذا لفظ قرآني.. لتفهمه؛ تخيل معي هذا المثال: تخيل أنك إنسان مهم لدى رئيس أو ملك ما عظيم، المتصور أن تكون محلًا لاهتمامه فيأمر أخص موظفيه وأتباعه بالعناية بك، ولن يتم ذلك إلا بأن يكون هذا المكلف جديرًا كفأً مُنح قدرة القيام بواجبات هذه الرعاية.

ولله المثل الأعلى.. القوامة في حقيقتها عبء وتكليف، لا يجوز التنازل عنه أو التملص منه أو التقاعس فيه، بل يأثم من فعل ذلك، لأنها ببساطة شديدة “عبادة” ؛ التزام على الرجل متعبد به (القوامة حق المرأة) ومسئول عنه أمام من كلفه به قبل أن يكون مسئولًا أمام الزوجة أو الناس.

وهو التزام على المرأة متعبدة به (الطاعة حق القوامة) ومسئولة عنه أمام الله تعالى قبل أن تكون مسئولة أمام الزوج أو الناس، لذلك في الحديث: «من صامت شهرها وصلت فرضها وأطاعت زوجها وحصنت فرجها دخلت من أي أبواب الجنة شاءت».

ولأنها “عبادة” فلا حرية لأي منهما في التنازل عن هذا الالتزام، ولا خيار لهما في تبادل الأدوار جملةً.. ولأنها “عبادة” لا يحق لها أو يجوز له أن تطيعه في معصية.

هل يستطيع مسلم/ة أن ينكر أن الرجال خُصُّوا بالرسالة والنبوة وبالإمامة الكبرى والإمامة الصغرى (في الصلاة) وإقامة الشعائر والآذان وخطبة الجمعة والشهادة في الجنايات والولاية والنسب والتعصيب في الميراث ومثل حظ الأنثيين وتحمل الدية والجهاد.. إلخ؟!

هذه معلومات من الدين بالضرورة، من أنكرها فلا يتبقى له من الإسلام إلا اسمه.. وهي سر قول الله تعالى: {بما فَضَّل الله} سيقولون {بعضهم على بعض} أي ليس كلهم، نعم، ثَمّ استثناءات، والقرآن نفسه أقر هذا، لكنها حالات خاصة ليست الأصل والحكم للغالب وهو حكم القرآن وحكم الله!

ولماذا “فَضَّل” ؟! 

يمكن أن نتكلم في هذا الأمر كثيرًا ونذكر الخصائص النفسية والتكاليف الشرعية والأعباء المالية، فالشرع لم يُلزمها بالإنفاق على أي من أرحامها، في حين جعلها دومًا مستحقة – ديانةً وقضاءً – للنفقة، وجعل لها زيادة على ما للرجل من حقوق الزوجية والتملك، كالمهر والحضانة والأخذ بالمعروف من مال الزوج، وغير ذلك مما خفف عليه فيه تعبدًا ومعاملة.

لكن كل هذه الأسباب فرع عن القضية الأساسية، وهي قضية التعبد والسمع والطاعة والإمعان في تعظيم الخالق بالإمعان في الخضوع له وهو سر قول النبي صلى الله عليه وسلم: «حُفَّتْ الجنة بالمكاره» أي الشديد على النفس الذي لا تميل إليه بسهولة، وهذا هو جوهر فكرة “العبودية” و “التسليم” إذا كنت تُؤمن بـ “لا إله إلا الله”!

ولذلك في آية: {وللرجال عليهن درجة} جاء بعدها: {والله عزيز حكيم} .. لماذا؟!

“حكيم” لأنه يعلم ما فيه صلاح الناس ويعلم ما شَرع، “عزيز” لأنه لا يعجزه أحد ولا يخشى أحدًا؛ فعِزَّته تؤيد حكمته فيما شرع، يأمر بما يجب امتثاله وحمل الناس عليه وإن كرهوا!

ومع ذلك، لو تأملت “القوامة” لأدركت أنها فكرة جمالية في غاية الرُقي؛ أن تكون المسلمة مسئولية لا مسئولة، أن تكون محفوظة لا مهملة، أن تكون مرعية لا متروكة منسية.. أن تكون محلًا لرعاية من الله تعالى، موضوعًا لتكليف رباني مخصوص بالحماية والعناية.. لكن العصبية تعمي!

Share via
Copy link