وقت القراءة 1 دقيقة واحدة
362 عدد المشاهدات
لن تفهم كيف يمكن قبول فكرة أن يتحول سلوك ما شاذ أو غريب لمعيار في ثقافتك؛ بعيدًا عن فكرة حاكمية الذوق الغربي عند إبراهيم السكران أو فكرة المغلوب مولع بثقافة الغالب عند ابن خلدون، أو فكرة الخضوع النفسي للنموذج المهيمن عند المسيري.. كل هذه الأفكار تصب في نتيجة واحدة؛ أن يصير سلوك الآخر معيار بطريقة ما تقيس به مدى قربك أو بعدك عن قيمة نفسية أو اجتماعية مثل: المرح أو المحبة.. أو حتى أخلاقية أو دينية؛ مثل المروءة أو الشهامة أو أي قيمة أخرى!
بل ربما لا تجد حرج في أن تقيس به معيار الحق الذي جاء به الوحي.. فترى أن مصادر القوانين في دينك مشكوك فيها، أو أن أحكام هذه القوانين لا تناسب روح العصر، أو أن مناسك وشعائر هذه الأحكام غير عقلانية.. وهلم جر من نتائج ينبني عليها بالضرورة إن ثقافتك الأصيلة (دينك هنا) يحتاج للتجديد!
لماذا؟!
نقص العلم؟ لا أبدًا!
ضعف الإرادة؟ لا، أبدًا!
الفقر؟ أبدًا!
ستجد من عنده علم، وصلابة، واستغناء عن الآخرين، ومع ذلك يُعاني نفس المعاناة، و “يَصعب” عليك تفكيره وتتعجب بشدة من معاييره!
إنما يفعل ذلك لعدم طمأنينته لما بين يديه من صدق وما تحمله هذه الدعوة من حق!
الفكرة في الانتماء والانهزامية وغياب معنى العزة، والخلل في الولاء والبراء..
ولذلك كانت هذه أول الأمور التي حرص النبي صلى الله عليه وسلم على غرسها في الصحابة، لأنها لو استقامت لاستقام كل شيء، وقد كان.. لأنها كانت أهم إفرازات التوحيد ومقتضياته..
اسمع قول الله: “أولئك الذين هدى الله فبِهُداهُم اقتدِه”.. لماذا خص الاقتداء بهم بالهداية في “فبِهُداهُم اقتدِه”؟!
قال المفسرون: لأنه مقتضى تخصيص مدحهم بالهداية، ولو لم يكونوا كذلك لما كانوا أحق بالتخصيص بالاقتداء..
وتأمل كيف عبر النبي صلى الله عليه وسلم عن الإيمان في قوله: “ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربًا وبالإسلام دينًا وبمحمدٍ رسولًا” بتعبير شعوري هو “الذوق”.. لأن مقتضى هذا الإيمان أنه يملأك عِزة بالدين واكتفاءً به.