وقت القراءة 2 دقيقة
266 عدد المشاهدات

ثمة مُسَلَّمة “إيمانية قرآنية” في جدلية “الرجل والمرأة”.. لا يستطيع أحد أن يمضي في دين الله أو يتعرف على دين الله إلا بعد التسليم بها.. وهي قول الله تعالى: {بما فَضَّل الله}!

مُسَلَّمة ثقيلة على النفس، لكنها فرع عن إقرار الإنسان بضعفه وقصوره، وسائر صفات نقصه البشري أمام كمال صفات الله عز وجل؛ علمه وحكمته وقدرته..

ولذلك قال تعالى في آخر موضوع الآيات: {إن الله كان عليمًا خبيرًا}؛ عليمًا بمن يُفضل ولمَ؟! خبيرًا بمواطن التفضيل وأسبابه.

ومنه تلمس الفرق بين الصحابة وغيرهم، فاسمع مثلًا قول عُبادة بن الصامت رضي الله عنه: “بايعنا رسول الله على السمع والطاعة في المنشط والمكره”.. وكان معاذ بن جبل رضي الله عنه لا يجلس مجلسًا للذكر إلا قال: “الله حكمٌ قسطٌ، هلكَ المرتابون”!

فهذا هو جوهر فكرة “العبودية”؛ الإمعان في تعظيم الخالق بالإمعان في الخضوع له وهو سر قول النبي صلى الله عليه وسلم: “حُفَّتْ الجنة بالمكاره” أي الشديد على النفس الذي لا تميل إليه بسهولة.. هذا هو جوهر شهادة “لا إله إلا الله”، لا نفسي ولا عقلي ولا علمي ولا هواي ولا مالي وما أملك ولا متطلبات الحياة وظروفها وضغوطها وتحولاتها ومادياتها، لا إله إلا الله..

لعباس العقاد حُجَّة تبدو بسيطة لكنها عميقة في الحقيقة، تصلح في في نفس سياق موضوع التفضيل هذا، ذكرها في كتابه “الفلسفة القرآنية” حين ناقش قضية المساواة، فكان مما قاله:

“فالنواح على الموتى عاده تفرغت لها المرأة منذ عرف التاريخ الحداد على الأموات، ولكن الآداب والأشعار النسويه لم تخرج لنا يومًا قصيده من قصائد الرثاء تضارع ما نظمه الشعراء الرجال، سواء منهم الأميون والمتعلمون، وقد كان أكثر الشعراء في العهود القديمه من الأميين”!

فانظر كيف قارن العقاد قُدرة النساء على النواح؛ بقُدرة الرجال على الرثاء؛ في شعور إنساني مشترك هو الحزن؟! كيف كانت قوة العاطفة سببًا في ميل النساء للنواح، وقوة العقل سببًا لميل الرجال للرثاء؟!

وقصد بـ “الأميين”، أن الأمر لا علاقة له بالتعليم، إنما بالقدرات (العاطفة / العقل).

وربما اعتُرض على كلامه بالخنساء مثلًا، وهذا اعتراض في محله، لكنها حالة شاذة تكاد تكون لم تتكرر في القدرة، والشاذ كالنادر لا حكم له.

فمهما حاولت المرأة التخلص من العاطفة في حكمها على الأمور لن تستطيع، لأنه مركوزة في فطرتها وتكوينها.

فنقص العاطفة عند الرجال كنقص العقل عند النساء؛ تفضيل أودعه الله في الخلق لحكمة، يفعل ما يشاء وهو العليم الخبير.

وهي قدرات رتبت حقوق واستتبعت مسئوليات.. فمثلًا قوة العاطفة جعلت المرأة مقدمة على الرجل في الحضانة، وقوة العقل جعلت الرجل مقدم على المرأة في الشهادة.. ونقص العقل جعل للمرأة الحق في النفقة، ونقص العاطفة جعل للرجل الحق في القوامة.. وهكذا، وكل بقَدَر الله وكامل حكمته وكامل علمه.

طاعة الله فرع عن الإيمان به تعالى والتسليم بحكمته..

ومودة البشر فرع عن القناعة بالرزق والرحمة بالنقص..

Share via
Copy link