وقت القراءة 2 دقيقة
208 عدد المشاهدات

في هذا الزمن الصعب، إذا كان من نصيحة في التعلم والقراءة.. فتعلم دينك أولًا، قبل أن تسترسل في عالم الأفكار.. لماذا؟!

لأن حياتك قصيرة جدًا، حياتك الحقيقية في الآخرة، ثمرة الدنيا؛ العمل للآخرة.. والعمل مفتاحه العلم بالشريعة، قال تعالى: {ليبلوكُمْ أيكم أحسنُ عملا}؛ أي أخلصه وأصوبه!

تعلم الشريعة من مصادرها المعتبرة، كتب الفكر والثقافة الغربية أو الثقافة الإسلامية من منظور غربي؛ كتب غير معتبرة أصلًا في تعلم الشريعة، هذه الكتب لن تعلمك “شريعة”.. إنما هي مراجع تحاول أن تفهم الشريعة من منظور الثقافة الغربية، الاستفادة الحقيقية من هذه الكتب؛ بعد أن تتعلم الشريعة، قبل ذلك فاحتمالُ ضررها أكبر من نفعها.. بل قدر الفائدة التي ستحققها منها يتوقف أصلًا على حجم علمك بالشريعة؛ إذا كنت تأمل أكبر فائدة منها، فقليلٌ من التأجيل = كثير من الفائدة!

وإذا كان ثمة نصيحة موجزة مكثفة في القراءة في الشريعة، إنما ثمرتها تأتي مع الإدمان عليها زمنًا؛ ‏فقراءة القرآن والحديث النبوي، مرةً بعد مرة.. للنص الديني “طاقة”؛ بحسب ما تُعطيه يُعطيك، وبحسب ما تتأمله يُثريك! النص الديني محفز للعقول، مفجر للطاقات، ملهب لمشاعر الدين في كل ذرة من ذراتك، ينبوع لمعرفة لا حدود لها.. ‏كل الحضارة الإسلامية العظيمة المفقودة كانت ثمرة هذه القراءة والعمل بها!

المشكلة عند من لديه الرغبة في التعلم، ليست في وسائل التعلم بقدر ما هي معرفة: من أين أبدأ؟! وكيف أبدأ؟!

وباختصار؛ لأن علوم الشريعة بحر لا ساحل له؛ فتعامل معها بمبدأ “الأولوية”، الأولى لك أنت فالأولى، فالمناسب لغيرك (أم، أب، زوج، زوجة، طبيب، مدرس، محامي، مؤثر.. إلخ) قد لا يكون مناسبًا لك، فأعد اكتشاف نفسك وحدد أقرب ما أقامك الله فيه، وابدأ مما يلزمك.. ولا تستعجل الثمرة؛ طعام الكبار علقم للأطفال!

والحد الأدنى مما لا يسع المسلم جهله؛ في العقيدة والفقه.. كما يصلح أن يكون بدايةً لمن لا يعرف أين يجد البداية في نفسه؛ يصلح أن يكون قراءة جانبية لمن عَرف من أين يبدأ من نفسه.

ولا مانع من بعض الفوضى في البداية، التخبط في البدايات جزء لا يتجزأ من أي رحلة علم.. وإذا كنا نتكلم عن علم الشريعة؛ ففي كل الأحوال ستنتفع وتستفيد، المهم؛ جعل “النص الديني” معيارًا تُصحح به المسار، و “إجماعات العلماء” و “اتفاق جمهورهم” مرشدًا من الضلال، لأن الأُمة لا تجتمع على ضلالة.

أما من لديه الحد الأدنى مما لا يسعه الجهل به، والحد اللازم من واجب الوقت فيما يحتاجه من معرفة؛ فثمة علوم مفتاحية في الشريعة، لها أهمية عظيمة ليس في العلم فقط، لكن في فهم بنية الشريعة ومنهجيتها.. تعلُّمها في ذاته يُحصنك من كثير جدًا من الشبهات، ويجعل قدمك راسخة في مركزيات الشريعة؛ مثل: أصول الفقه والقواعد الفقهية ومصطلح الحديث، فهذه العلوم توسع مداركك وتزيد من وعيك وتحد من عصبيتك وتجعلك أكثر تفهمًا لمواطن الخلاف؛ بعد تمييز الخلاف المعتبر أصلًا من غير المعتبر..

“من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهل الله له طريقًا به إلى الجنة”.. تأمل لفظة “علمًا”؛ نُكِّرت لتشمل كل نوع من أنواع علوم الدين، قليلة أو كثيرة!

فبقدر ما يعصمك العلم بالشرع في الدنيا؛ بقدر ما يُهيِّئ لك طريقًا في الآخرة.. فاستعن بالله، ولا تعجز..

هذه محاضرة تناقش نفس الأفكار بشكل أوسع:

Share via
Copy link