وقت القراءة 1 دقيقة واحدة
343 عدد المشاهدات

في كل نظام اجتماعي في العالم توجد قاعدة أساسية هي حفظ النظام الاجتماعي أو تماسك النظام الاجتماعي، كل تشريع كل قانون في أي نظام اجتماعي يجب أن يخدم هذه القاعدة، سواء كانت دولة قانون أو دين أو أعراف، وإلا انهار النظام الاجتماعي المشكل للدولة كليةً!

الشريعة تعتبر من أدق النظم التي كفلت تطبيق هذه القاعدة، بحرص عجيب وفي كافة جوانب الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، ومن ضمن تطبيقاتها مسألة “زواج المسلم من الكتابية لا العكس”، لأسباب كثيرة أهمها:

* أن الأنساب إنما تقع من جهة الآباء، فتنازع الدين بين الأبناء والآباء في حق الزواج من الكتابي أظهر منه في حق الزواج من الكتابية، فوقوع الأبناء في الحرج بين الناس في المجتمع المسلم – ضاقت دائرته أو اتسعت – في الزواج الأول أظهر منه في الزواج الثاني، لوضوح المُفارقة في الدين.

والشريعة أصلًا مبنية على رفع الحرج وإزالة أسباب البغضاء والشحناء والتنازع، بغض النظر عن رضا الأطراف من عدمه – استساغة الناس للأمر في هذا المقصد غير معتبرة أصلًا، ونلاحظ أن الحرج المطلوب رفعه يقع فيه الأبناء لا الآباء!

* أن الشريعة جعلت الزوج كفيلًا بتدبير معاش الزواج، ولم تسمح بأي تحايل على هذه الأحكام، بل جعلت امتناع الزوج عن الإنفاق على المرأة سبب لاستحقاقها الطلاق إن تضررت، فالإنفاق من أسباب القوامة وإلا سقطت كما قال القُرطبي وغيره، وفي اليهودية والمسيحية والتي أخذت بها كثير من النُظم الغربية؛ فإن الإنفاق مسئولية كلا الزوجين، لأن ذمتهما المالية تتحد باقترانهما، وتسلط الزوج على أموال زوجته غير مقبول في الإسلام شرعًا إلا برضائها، بخلاف تسلط الزوجة غير المسلمة على أموال زوجها المسلم لأنه من مقتضى القوامة، أي الانسجام بين عناصر الإنفاق والقوامة ومنع زواج المسلمة من الكتابي من تماسك النظام الاجتماعي الإسلامي وعدم تنافره.

* أن الغالب في الطباع ميل النساء أكثر إلى الرجال، وتأثر الزوجات أكثر بأزواجهن، وإيثارهن على الآباء والأُمهات والأخوة، فاحتمال ميلها إلى عاداته ودينه أكبر من احتمال ميله إلى عاداتها ودينها، وإليه وقعت الإشارة في قول الله عز وجل: “أولئك يدعون إلى النار” بعد قوله: “ولو أعجبكم”، كما أن سُلطان الزوج عليها أكبر لقوامته وضعفها بحكم الطبيعة، فتأثيره عليها أعلى، واحتياجها إليه ألزم، ودوره في استقرار بيت الزوجية أقوى وأوضح.

هذه الأمور الثلاثة وغيرها، تصب في قلب فكرة “التماسك الاجتماعي” للأُمة المسلمة، وتستطيع أن تشبهها بأفكار “المودة” و”العشرة بالمعروف” وغيرها من عناصر أساسية مهمة في تماسك “الأسرة المسلمة”، كل ما هنالك أنها خصائص تناسب مستوى الأُمة.


نُشر في فيسبوك بتاريخ ٢٠ نوفمبر ٢٠٢٠م.

Share via
Copy link