الانغماس في حياة الغرب لاسيما المتعصب ضد الإسلام؛ كارثي بجميع المقاييس!
تأمل قول النبي صلى الله عليه وسلم: «أنا بريءٌ من كل مسلمٍ يُقيم بين أظْهر المشركين».. في أحد وجوه تأويل الحديث أن المقصود ضمان دينه.. أي أن يَأمن على دينه، كأنه أعان أسباب الخذلان على نفسه بمقامه بينهم!
فبقدر ما تنغمس فيهم بقدر ما تصيبك لعنتهم دون أن تشعر؛ فإما تتنازل عن قيمك وتتخلى عنها؛ فتغوص في الرذائل.. أو تداهن وتوارب في قيمهم فتتورط في كوارث.. أو تنبهر بالتعليم واحترام الخصوصيات و و..؛ فتصير حاكمية الذوق الغربي أهم من حاكمية الدين، ويصير فهم الدين بمعايير الإنسانية أهم من فهمه بمعايير أهل العلم!
فإذا كانت لديك قوة نفس راسخة تحفظك من كل ذلك؛ فمصير “إدريسا غاييه” لاعب كرة قدم ينتظرك عاجلًا أم آجلًا! اللهم إلا من رحم..
لتفهم هذه الفكرة جيدًا..
تأمل مواقف باقي لاعبي كرة القدم المسلمين (غير إدريسا غاييه) في نفس النادي في نفس الحدث (دعم الشذ*)، فضلًا عن باقي نوادي أوروبا!
لا، أبسط من ذلك؛ تأمل بعض المواقف في أزمة “الترحم على غير المسلم”، والمواقف الشبيهة بها من قبل؛ تجد أن كثيرًا ممن يعيشون في الغرب من المسلمين يتخذون موقفًا مختلفًا عن الموقف الشرعي (المعتبر والمشهور) مراعاةً لذوقيات الوقت أو مجاملات القضية الوطنية أو غير ذلك!
لو سألتَ أي مهاجر عن أكبر تحدي يواجهه في الحياة في الغرب، سيقول لك الاندماج.. كلمة في كل احتمالاتها لا تحمل إلا أفكار: الموقف من قيم الغرب ومقدساته، والموقف من قيم المسلم وهويته.. كلمة لا تحمل في أغلب معانيها إلا معنى الذوبان !
لماذا؟! ليس لاختلاف الثقافة فقط، بل الأهم لأن مركزيات الغرب تناقض مركزيات الدين، ليست لأن منطلقات الحياة ليست واحدة؛ بل لأنها متعارضة.
الغرب يُريدك أن تندمج فعلًا، لا يرفض ذلك، يريد منك أن تكون ترسًا في آلته الرأسمالية، لكن أيضًا ترسًا في آلته القيمية.. أن تكون فاعلًا في منظومته؛ ليس المادية فقط، بل الحداثية بكل مضامينها، تزيد قوته المادية وتزيد قوته الثقافية.. وأي ممانعة معناها أنك تعطل عمل هذه الآلة وسير هذه المنظومة!
بالضبط كما يفعل مع معادن وخيرات أفريقيا؛ يسرقها ثم يعيد إنتاجها للعالم كـ “براند” جديد يُنافس به ويُصارع.. أنت فقط “براند” من نوع آخر!
قال تعالى: {وقد نزَّل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتُم آيات الله يُكفر بها ويُستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديثٍ غيره إنكم إذا مثْلُهُم}.. لماذا كانوا مثلهم؟!
لأن نفوسهم تُسر أن يرى المسلم المنكر ويسمعه فلا يمتعض.. لأنهم إذا يأسوا من عَمَلك المنكر؛ لم يطمعوا في أكثر من أن ترضى عَمَلهم له.. ومن رضي بمنكر رآه وخالط أهله، وإن لم يباشره؛ كان في الإثم بمنزلة المباشر!
نعم، أفهم أن حياة البعض في الغرب قد تكون اضطرارًا.. لكن مهم فهم أساس المشكلة حتى ولو لم يقدر على حلها الآن، ليكون مستعدًا، لأن للأخلاق عدوى!
والاستعداد؛ بعلم تدفع به الشبهات، ودين تمنع به الشهوات، بقوة راسخة في النفس؛ تحفظ من السقوط في وحل قيم الغرب ومقدساته.