وقت القراءة 1 دقيقة واحدة
149 عدد المشاهدات

حَكَت سورة هود قصص عدد من الأنبياء أَيَّدهم الله وأصحابهم بالنجاة والنصر.. وفي نهايتها وردت ثلاث آيات متتاليات هي:

“ولا تركنوا إلى الذين ظلموا ..”

“وأقم الصلاة طرفي النهار وزُلفًا من الليل… واصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين”

“فلولا كان من القرون من قبلكم أولوا بقيةٍ ينهون عن الفساد ..”

ختمها الله تعالى بقوله:

“وما كان ربك ليُهلك القرى بظلمٍ وأهلها مصلحون”

فكانت الأخيرة نتيجة للثلاث الأولى، فكأن نجاة الصالحين عُلقت على ثلاث صفات:

– المُفاصلة مع الظالمين؛ فلا يَركنون لهم أو يُوادونهم، أو يتوددون أو يسْكنون أو يميلون إليهم.

– مقاومة الفساد؛ فلا تغني المُفاصلة عن المقاومة، إذ رغم قِلتهم واستضعافهم إلا أنهم لا يتركون الفساد حال سبيله، بل يُكوِّنون كتلة خير صلبة ضده.

– وما بين المُفاصلة مع الظالمين ومقاومة الفساد؛ تأتي صفة الاستقواء بالطاعة والاستعانة بالصبر..

وخص تعالى من الطاعة؛ “الصلاة” لأنها تبعث في نفوسهم عظمة الله، فلا ييأسون من روحه، ولا يفقدون الثقة فيه، ولا يغرنهم تأليه الجماهير الغفيرة للطغاة والجبابرة، وهي فوق كل ذلك كفارة لما قد يعتريهم من ريبة أو استبطاء للفرج انخداعًا بالواقع، وهو أعجب ما أشارت إليه الآيات!

وذكر بعد الصلاة؛ “الصبر” لأنه هو الذي يُبقي نفوسهم صامدة أمام البلاء وتسلط الظالمين وضلال أعوانهم.

وهو جوهر الاستقامة التي أُمر النبي صلى الله عليه وسلم بها، فقال: “شيبتني هود” حين سُئل عن الشيب الذي أسرع فيه، أي لعظمة أمر الاستقامة التي وردت في سورة هود في قوله تعالى: “فاستقم كما أُمرت“.. قال ابن عباس رضي الله عنهما: “ما نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم في القرآن آية كانت أشد ولا أشق عليه من هذه الآية”.. ذلك أنها جامعة لكل العقائد والتكاليف.

 ولذلك قال الغزالي: “الاستقامة على الصراط في الدنيا صعب كالمرور على صراط جهنم”، ولذلك ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: “استقيموا ولن تحصوا” أي لن تطيقوا أن تستقيموا حق الاستقامة!

Share via
Copy link