وقت القراءة 1 دقيقة واحدة
170 عدد المشاهدات

من السذاجة أن نتصور أن علماء الأُمة والأئمة الكبار معصومون من الخطأ، أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وغيرهم؛ بشر، غير منزهين عن الخطأ ولا النسيان، ولم يدّعِ أحدهم أنه منزه عن الخطأ أو أنه استوعب العلم أو أن كلامه وحده هو الدين!

لكن الفرق بينهم وبين غيرهم، أن كل أمرهم كان في الله، إقدامهم، وإحجامهم؛ كله كان في الله تعالى، عبدوا الله بما أحسنوا فيه وما أخطأوا عن غير قصد فيه، حالهم كله كان في الله، لذلك عفا الله عنهم ما لم يعف عن غيرهم، فمن اجتهد منهم فأصاب فله أجران ومن أخطأ فله أجر!

هذا عدل وإنصاف ورحمة الإسلام..

فلا عجب أن يُبارك الله أثرهم، حتى باتوا مقبولين من الأُمة قبولًا عامًا لمئات السنين، وصار الناس ينفرون ممن ينال منهم ويُؤذيهم، فهذه هي “بركة العلم” تموت ولا يموت ذكرك وأثرك الطيب!

لأنهم لم يتعمدوا مخالفة النبي صلى الله عليه وسلم في شيء من سُنته، بل هم متفقون اتفاقًا قطعيًا على وجوب اتباعه صلى الله عليه وسلم، وعلى أن كلامهم دون كلامه، لأن كلامهم ما هو إلا صيانة لكلامه صلى الله عليه وسلم، فتثبيتهم الناس على الدين، وتوضيحهم غوامضه، وصبرهم على الأذى.. يضيع فيه الخطأ والخطآن والثلاثة والعشرة.. وداعي شكرهم أولى من داعي الإساءة لهم.. يقول ابن القيم: “من قواعد الشرع أن من كثُرت حسناته وعظُمت، وكان له في الإسلام تأثير ظاهر؛ فإنه يحتمل له مالا يحتمل لغيره ويعفي عنه مالا يعفي عن غيره”!

ولو لم يكن في حقهم إلا إعلاء قيمة العلم في الناس وتعويدهم عليه وجعله في حياتهم كالماء والهواء؛ لكفى بها منقبة.. في الحديث: “العلماء ورثة الأنبياء”.. فالعلم تركة الأنبياء التي ورثوها للعلماء لا غيرهم، والإنسان لا يرث إلا أقرب الناس له رحمًا وشبهًا وعملًا..

فهذه الصفة هي “الميزان” الذي تفهم به من هو العالم وطالب العلم..

طالب العلم بحق، لا يصرف جهده في النبش عن الهفوات الميتة، ولا يُضيع عمره في تصيد سقطات الأئمة وخلافاتهم المنسية، طالب العلم يتلمس الخير لأهل العلم ويعذرهم ويطلب السلامة لهم.. العلم رحمٌ بين أهله..

Share via
Copy link