إبراهيم عليه السلام أجلّ من أن يُنسب للدعوة الإبراهيمية التي يسمون بيتهم بها، إبراهيم عليه السلام أكمل البشرِ إيمانًا وأعظمهم إسلامًا بعد نبينا صلى الله عليه وسلم، اتخذه الله عز وجل كما اتخذ نبينا “خليلًا”، واختصه بشعائر في أهم أركان الإسلام؛ مِن تشهد في الصلاة ونُسك في الحج، وزكاه في كتابه فسماه “أُمَّةً قانِتًا للهِ حَنيفًا”، ونَعَته بالحليم الأوّاه المُّنيب الشاكر لأنْعُمه، وشهد بذاته العليّة له أنه وَفَي!
إذا أردتَ أن تختصر إبراهيم عليه السلام في صفة، فلن تجد أنسب من صفة “التسليم“، عارض ما كان يعبد أبوه وقومه، وألقى نفسه في النار، وهجر أهله في الصحراء، وأقدم على ذبح ابنه الرَّضي! كل ذلك امتثالًا لأمر الله عز وجل عن رضا، بلا شُبهة أو شهوة تعارض الأمر، ولا معارضة أو منازعة تعارض القدر، ولا كره ولا تملل ولا تردد ولا انقباض!
لذلك قال ابن القيم: “صبر إبراهيم عليه السلام على تنفيذ أمر الله أكمل من صبر يعقوب على فقد يوسف، الصبر لله وعلى طاعته أكمل من الصبر على قضائه وقدره”، لذلك كان عليه السلام أمةً وحده!
لن تُدرك حقيقة قصة إبراهيم وحكمة تخليدها في نُسكٍ وشعائر يُتعبّد بها الله تعالى حتى قيام الساعة ويُتقرب إليه بها؛ إلا حين تُدرك حقيقة “التسليم”، وأنه قوام العبودية، وأن “الأبوة والبنوة” على عظمتها؛ لا تساوي شيئًا ولا قيمة لها في ظل حق الربوبية وما يستوجبه من التسليم والطاعة!