يتصور بعض الناس أن الأخذ بالأسباب = وقوع النتائج، فإذا لم تقع؛ سَخِط وتذمّر، أو نفر عن الأسباب والأخذ بها!
يتعلق بالقوة، فإذا تأخر النصر سَخِط وشك في القوة التي بين يديه.. يتعلق بالسعي، فإذا مُنع الرزق تذمّر وارتاب في السعي الذي أقبل عليه!
وهذا من نكد العيش، يظل حائرًا شكّاكًا لائمًا ملومًا، يلوم الخلق والمقادير، “ولومُ المقادير لومٌ لمُقدِّرها” كما يقول ابن القيم.
هذا هو عينه “الاعتقاد في الأسباب” الذي حذر منه العلماء، فالذي أمر بالأخذ بالأسباب هو الذي نهى عن الاعتقاد فيها.. والذي خلقها هو الذي منحها قواها لتؤثر، فإن شاء؛ سلبها القوة فتعطلت، وإن شاء أجراها فأثرت!
فالعاقل من اعتمد في جوارحه على الأسباب، واعتمد في قلبه على خالقها.. يأخذ بها ويتمسك بها، لكن لا يرجوها ولا يخافها.. يجتهد فيها ويتيقّظ لها، لكن لا يطمئن إليها ولا يتوكل عليها.. قال سفيان بن عُيينة: “من لم يَصلُح على تقدير الله، لم يَصلُح على تقدير نفسه”.