من خصائص القرآن المُبهرة، التي تلفت الأحداث انتباهنا لها يومًا بعد يوم: الكشف عن نفسيات الناس مع الأقدار الكُبرى!
خُذ مثلًا نموذج “العقلاني”.. تجد القرآن يُخبرك أشياء عن هذه النوعية من الناس ومنطق تفكيرها، فيقول: “لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قُتلوا”.. “لو أطاعُونا ما قُتلوا”.. “وقالوا لا تنْفروا في الحرِّ”!
هنا القرآن تجده لا يكتفي بتذكيرنا بحُجج هذا “العقلاني”، ولا بتفنيد منطق الحِجاج العقلي في مواجهة الإيمان، بل يفضح لنا نفسية بعضهم، فيقول: “الذين قالوا لإخوانهم وقَعدوا” أي أسلموهم وخذلوهم.. “يقولون بأفواههم ما ليس في قُلوبِهم” فحقيقة أعذارهم كما يقول الطاهر بن عاشور: “إرادة تفشيل المُسلمين”!
لذلك، ماذا يقول الله تعالى بعد هذا التذكير؟!
“ليجعل اللهُ ذلكَ حسرةً في قُلوبهم”.. “فادرءُوا عن أنفسكُم الموتَ إن كُنتم صادقين”.. “قُل نارُ جهنمَ أشدُّ حرًّا لو كانوا يفقهون”..
فالله عز وجل يُريد أن يترسخ في نفوسنا أن الإيمانيات تسبقُ العقلانيات، والأقدار تغلبُ الأحداث، وتدبير الله عز وجلّ يُحيطُ بتدبير البشر، وأن نتذكر بأن الدنيا مُستهلٌ وممر والآخرة عاقبةٌ ومُستقر.