من الأمور المثيرة للانتباه في الإسلام؛ غناه كمنظومة بقيم مناسبة للطبيعة الإنسانية والفطرة.. بعكس التصورات الليبرالية الفقيرة قيميًا وإنسانيًا!
ولا أتكلم هنا عن المعنى الديني في القيم كفضائل، لكن أقصد بالأساس المعنى الفطري أي مناسبة القيم لإنسان له تطلع وشهوة.. الغِبطة، المروءة، القناعة، التوبة، الشفاعة، الحياء، البر.. وغيرها.
الغِبطة مثلًا وهي قيمة تقابل الحسد، وتعني: تمني ما عند الغير من نعمة دون تمني زوالها عنه، عكس الحسد، فالحسد يحط من النفس والغِبطة تدعو لرقيها، لذلك قيل: الغِبطة في الأخلاق لا في الأرزاق..
ستجد الشريعة تنهى عن الحسد لكن تسمح بالغِبطة وتقننها لأنها في طبيعة الإنسان..
المروءة مثلًا لو نظرت لها من جهة فكرة الذوق، ستجدها من أنبل الصفات الإنسانية التي عرفتها البشرية على الإطلاق، أرفع الذوق؛ المروءة..
هذه القيم لن تجد لها مقابل عند الغربيين، فتصوراتهم عن القيم فقيرة حقيقةً، لذلك تصورهم عن رُقي النفس الإنسانية ضعيف للغاية وأبعد ما يكون عن الواقع، فانتشار الانتحار والإلحاد والتفلت من منظومة الأخلاق دفعةً واحدة؛ تجده ذائع جدًا عند الغربيين، كأنه احتضار أو انفجار للنفس حين ضَلَّت الفطرة!
الإسلام يُحقق رُقي النفس الإنسانية وهدوءها وانسجامها مع الفطرة، لذلك قيل: شواهد الدين في الفطرة.
يقول ابن قيم الجوزية في (مفتاح دار السعادة): “الشرائع إنما جاءت بتكميل الفِطر وتقريرها، لا تحويلها وتغييرها، فما كان في الفطرة مستحسنًا جاءت الشريعة باستحسانه، فكسته حسنًا إلى حسنه فصار حسنًا من الجهتين، وما كان في الفطرة مستقبحًا جاءت الشريعة باستقباحه فكسته قبحًا إلى قبحه فصار قبيحًا من الجهتين”.