وقت القراءة 1 دقيقة واحدة
249 عدد المشاهدات
أعتقد أن سر الهجمة الغربية على قطر حول كأس العالم هو الاستعلاء الغربي، لا في خصوص بنية الدولة فقط، بل الأهم الاستعلاء بالقيم والمعايير..
كيف لهذا البدوي “البدائي” أن يحدد لنا المعايير والقيم التي تنظم سلوكنا؟!
وكيف للعربي “المتخلف” الذي كنا نملك مقدراته وخيرات أرضه أن يكون فاعلًا في الحضارة التي صنعناها ونحن روادها؟!
هذه الهجمة؛ انعكاس للثقافة الغربية التي تنظر للأوروبي الأبيض أنه الأكثر تفوقًا بيولوجيًّا وثقافيًّا على جميع الشعوب الأخرى؛ فهو الأجدر بصياغة المعايير وحمل الناس على القيم!
أحد أهم سمات الشريعة، ومعالمها الفارقة، أنها ترفع أسباب الاستعلاء بين البشر، فتتولي بنفسها تحديد معايير وقيم التفاضل، والتفاوت الذي تسمح به الشريعة هو التفاوت في الحس لا في الجنس..
ولذلك من أبلغ ما قيل في تفسير قول الله تعالى: “وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا”؛ أي للتناصر لا التفاخر والتناكر..
وهذا في ذاته أحد أهم عوامل الجذب للإسلام.. أنه يُجمِّع لا يُفرق، ويُقرِّب لا يُباعد، ويُؤلف لا يُبدد، فالإسلام الحق يُزيل الفوارق إزالة حقيقية لا شكلية، وانظر مثلًا كيف ركز “أندور تيت” بعد إسلامه على هذه الفكرة حين أشار إلى أن الاختلاف الذي تسمح به الليبرالية الغربية في الشكل فقط، في النهاية لابد أن تفكر بنفس الطريقة وتخضع للهيمنة الغربية!
قيم الإسلام هي التي تحدد قيمتك، فغير المسلم إن كان من أعلى الناس مكانةً لا يُقاس بالمسلم وإن كان أدنى الناس مكانة.. ولا يصلح للمناصب الدينية إلا من كان عالمًا صالحًا مهما كان بسيطًا مُهمَلًا في دنيا الناس..
ومنه تفهم لماذا يُحارب الدين؟! ولماذا يُراد إبعادك عنه؟!
الدين معناه ألا يكون لأحدٍ فضل على أحد إلا بالتقوى، لا بالمنصب ولا بالمال ولا الشهرة.. إنما الوجاهة الاجتماعية للتقوى والسمع والطاعة لله..
ولهذا خُتمت الآية المذكورة بقوله تعالى: “إنَّ أكرمَكم عند الله أتقاكُم”.. لماذا؟!
لأن التقوى تتجاوز بك حدود البشر لتضعك عند حدود الله، والسمع والطاعة يتجاوز بك حدود العقل ليضعك عند علم الله.. وبقدر ما يُلْجم الدين عزتك مع الله يُطلق عزتك في البشر.