تعجبني عِزة نفس الإمام الشافعي.. تأمل ما روي عنه: “أظلمُ الظالمين لنفسه؛ من تواضع لمن لا يُكرمه، ورغِب في مودةِ من لا ينفعه، وقبِل مدح من لا يعرفه”!
أو حين دخل “سامراء” فلم يُعرف وكان رثًّا عليه ثياب بالية، فاستخف الناس به فقال:
عليَّ ثيابٌ لَو تُباعُ جميعُها .. بفلسٍ لكان الفلسُ منهنَّ أكثرا
وفيهن نفسٌ لو تُقاسُ ببعضها؛ .. نفوسُ الورى كانت أجلَّ وأكبرا
أحد انعكاسات “العبودية لله” وأسرارها الجليلة؛ ألا تنحني لأحد، وألا تكسرك مشاعر، ولا تغتم لتقلُّب الزمن، أو تأسى على انقطاع الخلق عنك..
إذا كان الله عز وجل أمر المؤمنين ألا يهِنُوا ولا يحزَنوا لما أصابهم يوم أُحد وما أدراك ما أُحد؟! وقَرنَ ذلك بكونهم “الأَعْلوْن” ما داموا مؤمنين؛ فكيف بما هو دونها من مشاعر مهما كان قدرها في القلب، أو أحوال الحياة وأحداثها مهما كان أثرها في النفس؟!
وتأمل اختيار الآية للوَهَن (الضعف) والحزن، قال بعض المفسرين: لأن الوَهَن مصدر الكآبة والانكسار، والحزن مصدر الاستسلام واعتقاد الخيبة!
المسلم الذي يعلم عظمة الله ويَقنع بأقداره ويضعُ مشاعره كله فيه تعالى؛ كما لا يُهينُ نفسه الكريمة بتودد مهين؛ لنيل قُربة أو محبة أو منفعة؛ لا يُهينها بتكلُّفٍ في المشاعر مذل؛ لفوات شيء من ذلك..
صنْ نفسك..