وقت القراءة 12 دقيقة
581 عدد المشاهدات

فالإرادة الاقتصادية والسياسية للتوجه نحو العملة الذهبية لا تكفي لتحقيق النتائج الاقتصادية والسياسية المرجوة من التعامل بهذه العملة، بل يجب أن تدعم هذه الإرادة قوة للنظام خارجية وداخلية، قوة خارجية تستطيع فرض العملة من خلال معاملات تجارية عابرة للحدود، وقوة داخلية تستطيع فرض النظام وحفظ الأمن الاقتصادي في المجتمع بما يضمن عدم طُغيان بعض أفراده أو تلاعبهم في أقواتهم ومعايشهم.

ومن هنا يُمكن أن نفهم لمَّ أقر النبي صلى الله عليه وسلم التعامل بعملة الفرس والروم واستمر الخلفاء الراشدون من بعده على ذلك حتى عهد عبد الملك بن مروان وصيرورة الدولة الإسلامية أكبر قوة عالمية في هذا الوقت.

آخر تحديث: ١٥ أغسطس ٢٠٢٢م

لا شك أن العملات في الحضارة الإسلامية تطورت تطورًا كبيرًا في المضمون والشكل، وبغض النظر عن التطور الشكلي لها من حيث هندسة العملة وتصميمها والعبارات والنقوش والزخارف المكتوبة عليها والخطوط المستخدمة فيها؛ فإن الاختلاف في حجم العملات وقيمتها كان بطيئًا.

وبالطبع لا يمكن أن نغفل عن دور فكرة “النِّصاب” في الزكاة في نشوء هذه العملات وتطورها، بحيث يمكن اعتبارها أحد أهم الأسباب الإنثرولوجية لنشأتها، فالخلفية الدينية كانت حاضرة في التسور الاقتصادي الذي شهدته الدولة الإسلامية.

ورغم أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان أول من أسس العلاقة المعيارية المعروفة بين الدينار والدرهم على أساس أوزانهما في أواخر خلافته، حيث كل ستة دنانير – وكان الدينار يُعرف بـ “المثقال” – يجب أن تعادل في الوزن عشرة دراهم [1]، إلا أن عبد الملك بن مروان (ت ٢٦هـ / ٧٠٥م) كان أول من سك الدينار الإسلامي في صدر الدولة الأموية عام ٧٦هـ، كوسيط للتبادل وكمقياس للقيمة، وبلغ من الدقة والجمال الفني درجة فاقت ما كان متوقعًا، حتى أن عبد الملك زادها ٢٪ من ذهبًا عما كان عليه الدينار البيرنطي، فصار الدينار الإسلامي مرغوبًا أكثر عند غير المسلمين قبل المسلمين.

وتم تقديره في البداية من الذهب الخالص الذي يزن ٧٢ حبة من الشعير [2]، فوزن النقود اعتمد في البداية على ما ألفه المسلمون في حياتهم اليومية وشكل معيارًا خاصًا بهم؛ كشكل متطور من أشكال المقايضة، ففكرة الجرامات كوحدة قياس لم تكن معروفة عندهم.

واستمر سك الدينار الإسلامي في عهد كل خليفة حتى زوال الخلافة العثمانية عام ١٩١٨م، وعلى مدار التاريخ الإسلامي وجدت أنواع أخرى من العملات المعدنية كوسيط للتبادل أكثر من كونها مقياس للقيمة، أبرزها: الدرهم الذي كان مسكوكًا من الفضة، والفلس الذي كان مسكوكًا من النحاس.

بالطبع يمكن أن نتكلم كثيرًا عن أهمية النقود الذهبية والفضية ما يعني أن قيمة النقود “داخلها” وليس “خارجها” كما العملات الورقية، فالنقود المعدنية تضمن نفسها، والنقود الورقية تضمنها النظم السياسية، ولذلك تسقط بسقوط هذه النظم كما حدث في الحرب العالمية وغيرها من الحروب التي ذهبت الثروات فيها بسقوط الدول أو تفككها، بالإضافة إلى أن النقود الورقية عرضة للتضخم المالي، أي تفقد بمرور الوقت قدرتها الشرائية، وتفقد المدخرات منها قيمتها، في مقابل سماحها بتراكم ثروات ضخمة من خلال التجارة فيها ذاتها وفي الأوراق المالية بلا كبير عمل يقابلها، ما يعني ازدياد الأغنياء غنىً والفقراء فقرًا؛ إذ هم الوحيدون الذين يتأثرون بانخفاض قيمة ما في أيدهم من قيم محدودة.

لكن أهم من الاسترسال في بيان الفرق بين نوعي النقود من وجهة نظري؛ الإجابة عن سؤال: كيف إذن حدثت المجاعات والأزمات الاقتصادية في التاريخ الإسلامي في ظل العملات الذهبية والفضية، مثل ما وقع في مصر في الفترة ما بين عامي ٧٩٦: ٨٠٨هـ؟!

وما يعنيني ليس بيان أسباب وقوع هذه المجاعات، فهذا بحث آخر ليس موضعه هنا، وقد ناقشه أحمد بن علي المقريزي (ت ٨٤٥هـ / ١٤٤٢م) بتوسع في كتابه الرائق (إغاثة الأمة بكشف الغمة).

لكن تركيزي سينصب على لماذا لم تنجح العملات المعدنية في توقي التضخم والأزمات التي وقعت؟!

ويمكن القول إن العملات المعدنية لم تستمر على حالها التي بدأت عليها منذ الدولة الأموية، فقد مرت بتطورات أثرت فيها وفي المجتمع تأثيرًا كبيرًا، لعل أهمها: التفرقة في وزن بعض الدراهم بعد توحيد عبد الملك بن مروان لها، مما أثر على جمع الزكاة وفرق بين قيم دفعها في في بعض الأماكن عن الأخرى، كما تعرضت الدنانير والدراهم للغش في بعض الفترات فيما عُرف بـ “الزيف” حتى  فشت الدراهم الزيف في الأمصار أيام دولة العجم من بني بويه وبني سلجوق، وعلى العكس من ذلك في أزمنة أخرى؛ تشدد بعض الولاة والملوك في العملة، حتى قصر البعض مثلًا تقييم الأعمال وأثمان المبيعات على الذهب فقط، كما حدث في بعض أزمنة الدولتين الطولونية والفاطمية، فلم تعرف الدراهم إلا متأخرًا، بل تشدد أحمد بن طولون (ت ٢٧٠هـ / ٨٨٤م) في العيار، حتى وصلت قيمة الدينار في أيام المنصور الفاطمي إسماعيل بن محمد (ت ٣٤١هـ / ٩٥٣م) عام ٣٣٩هـ؛ ٣٤ درهمًا! ومع رحيل الفاطميين استبدلت الدراهم بقيمة تقل عن نصف قيمتها عن ذى قبل، فانخفضت الأسعار واضطربت أحوال الناس فمنع استخدام الدراهم الموجودة واستبدلت بدراهم أخرى بلغت قيمة الدينار منها ١٨ درهمًا.

كل هذا خلاف ما أصاب النقود من اضطراب في عملة “الفلس” الذي كان أكثر شيوعًا واستخدامًا لمناسبته لمعاملات الناس اليومية، ولتحول العملات الذهبية مع الوقت لمستودع للقيمة والإدخار، ما أصابها في بعض الأزمنة بالندرة، ومن ذلك المغالاة في سك الفلوس بعد عام ٦٥٠هـ حتى وزن الفلس مثقالًا، فتعسرت أحوال الناس، وفي بعض الأزمنة زيد من سكها حتى صار وزن الرطل منها بدرهمين! وتسبب رواجها الشديد في بعض الأزمنة في إيقاف العمل بالدراهم وسكها.

هذه التطورات وغيرها ساهمت بشكل كبير في العديد من الاضطرابات المالية في التاريخ الإسلامي، وكما كانت العملات المعدنية سببًا في رخاء المجتمع في بعض الأزمنة في ظل العدل في سكها وتداولها؛ كانت بدورها سببًا في الكساد في ظل الفساد في سكها وتداولها.

وإذا ما جئنا للعصر الحديث، وفي ظل إبطال العمل بالعملات الإسلامية مع سقوط الخلافة العثمانية؛ فيُعد عمر إبراهيم فاديلو ­ مؤسس منظمة المرابطين الدولية عام ١٩٨٣م في جنوب أفريقيا ­ هو أول من قام بتجربة إصدار الدينار الذهبي في العصر الحديث، فقد أسس دار لسكها تحت اسم “دار سك العملات الإسلامية” وصدر عنها أول دينار ذهبي عام ١٩٩٢م بوزن يُعادل ٤.٢٥ جرامات من الذهب عيار ٢٢، لتصير هي العملة المُعتد بها في التعامل التجاري بين أعضاء المنظمة المذكورة.

ولم يلبث فاديلو أن أسس شركة الدينار الإلكتروني، وأصدر ما يُسمى بالدينار الذهبي الإلكتروني عام ١٩٩٧م، الذي استُخدم في شبكة إلكترونية شملت نحو ٢٥ سوقًا تجاريًا يتم التمويل فيها من خلال قروض إلكترونية بالدينار الذهبي وفقًا لأحكام الشريعة الإسلامية، ووصل حجم التعاملات الإلكترونية بالدينار الذهبي لما يوازي أربعة أطنان من الذهب شملت في السنوات الأولى لإصداره نحو ٦٠٠ ألف مستفيد، بمعدل نمو ١٠% شهريًا.

ثم تلا ذلك تبني مهاتير محمد رئيس وزراء ماليزيا للفكرة عام ٢٠٠١م، معلنًا أن ماليزيا ستستخدم الدينار الذهبي في مجال تجارتها الخارجية بدلًا عن الدولار الأمريكي، في محاولة للتخلص من الطبيعة الاحتيالية للعملات الحديثة، وبالفعل استطاعت بمساعدته تجنب بعض الانهيارات في النظام النقدي العالمي حتى أُجبرت على إعادة حساباتها بسبب الضغوط الدولية بعد الأزمة الاقتصادية التي حدثت في نهاية عام ٢٠٠٨م.

فالعلاقة العكسية بين أسعار الذهب والدولار لم تعد لها أهمية كبيرة بعد زوال نظام بريتون وودز النقدي [3] الذي كان يعتبر الدولار بمثابة الوسيط بين السلع والذهب وأداة التبديل الوحيدة بالذهب، وكانت الأوقية الواحدة من الذهب تُقابل بخمسة وثلاثين دولارًا، حيث سقط هذا النظام النقدي في أوائل السبعينات حين ألغاه الرئيس الأمريكي نيكسون بإرادة منفردة بعد الأزمة العالمية عام ١٩٦٨م، فيما عُرف بصدمة نيكسون Nixon shock عام ١٩٧١م، فلم يعد من الممكن التحويل المباشر من الدولار إلى الذهب، وأصبح الدولار في حد ذاته هو قاعدة النقد، حيث تم إلغاء الارتكاز إلى قاعدة الصرف بالذهب، فبعد أن أخضعت الولايات المتحدة العالم لخَزْن الذهب؛ أخضعته وبكل قوة لاعتماد عملتها (الدولار) في سياستها الاقتصادية الخارجية بلا أي ضمان من الذهب، أو بتعبير أدق الاحتفاظ باحتياطيات من الدولار يُؤمن عملتها المحلية دون غطاء ذهبي.

هذا التحول جعل من الأهمية بمكان لدى الدول الاحتفاظ باحتياطي من الدولار [4] بديلًا عن الذهب أو بالأحرى بلا أي غطاء من الذهب؛ وما الذي جعل الدول مضطرة لذلك؟!

بعيدًا عن عدم وجود أي خيار للدول في قبول / رفض هذا النظام النقدي العالمي، فإن المبررات التي يسوقها الاقتصاديون لقبول الدول هذا النظام لا تخرج – في الغالب – عن مبررين، فمن جهة أولى: دعم عملتها المحلية بربطها بعملة قوية تستند لنظام عسكري قوي وسياسي مستقر، ومن جهة ثانية القيام بالتبادل التجاري الخارجي فيما يُعرف بالتجارة الخارجية بالإضافة للإقراض الدولي وتسديد الديون الدولية، لأن الدول لم / لن تقبل عملات بعضها البعض، فصارت إلى توحيد تعاملاتها الخارجية بعملة الدولار.

وهو ما أدى إلى انخفاض احتياطات الذهب، وهيمنة الدولار على نظام التبادل في الأسواق، وتحكمه في أسعار السلع، لاسيَّما أسعار السلع الحيوية على مستوى العالم كالبترول والذهب وغيره من المعادن وأكثر الخدمات البحرية، ولم تنجح شتى محاولات كسر هذه الهيمنة، حيث لم تسمح بها الولايات المتحدة حتى قيل إن أحد أهم أسباب حرب العراق شروع صدام حُسين في بيع بترول بلاده بسلة عملات في محاولة للتحرر من سطوة الدولار، ولكنه لم ينجح.

فالولايات المتحدة بما حازته – بعد الحرب العالمية الثانية – من تفوق عسكري على كل القوى العظمى، وبما ترسخ في أذهان أصحاب رءوس الأموال الضخمة – أفرادًا وجماعات ودول – من سيطرتها على السياسات الخارجية للدول، لاسيما دول النفط، وهو ما زادت أسهمه بعد الحرب الباردة وحرب الخليج؛ سيطرت كذلك تمامًا على النظام النقدي العالمي، ورسخت فكرة عدم السماح مطلقًا بتغييره أو بالأحرى عدم وجود أي أمل أو احتمال لقبول تغييره، فالنظام النقدي العالمي الذي يُشكل الدولار مركزيته محمي – في الحقيقة – بالتفوق العسكري والسياسي للولايات المتحدة.

بالطبع اهتزت هذه الصورة نوعًا ما بإقحام دول أوروبا عبر اتحادها وسوقها المشترك؛ عملتها (اليورو) في المنافسة النقدية العالمية من خلال التجارة الخارجية والإقراض الدولي وسداد الديون الدولية، وكان يُمكن أن يزيد حجم التنافس لولا اعتماد مجموعة دول النفط على الدولار في سياساتها الاقتصادية الخارجية.

فنجاح فكرة الدينار الذهبي وتأثيره على الدولار الأمريكي أو اليورو الأوروبي أو أي عملة أخرى لا يعتمد على المعاملات المحلية بحال من الأحوال، بل على فرضه في المعاملات الخارجية من قبل الدول أو الشركات العالمية عابرة القارات التي تُسيطر على التجارة العالمية أو من خلال سوق ضخمة مشتركة أو حتى في السوق العالمية السوداء لتجارة السلاح وغسيل الأموال.

كما أن التعامل بالدينار الذهبي في المعاملات المحلية يحتاج لنظام رقابة صارم جدًا من الدولة، وإلا تحول لوسيلة يُتلاعب بها في أقوات الناس ومعاشهم، لأنه ثمن المبيعات، والأثمان لا تُقصد لأعيانها بل للتوصل بها إلى السلع، وهذا هو مقصود تحريم الربا في الذهب والفضة (الثمنية)، كما قال ابن قيم الجوزية (ت ٧٥١هـ / ١٣٥٠م): “فإن الدراهم والدنانير أثمان المبيعات، والثمن هو المعيار الذي به يُعرف تقويم الأموال، فيجب أن يكون محدودًا مضبوطًا لا يرتفع ولا ينخفض، إذ لو كان الثمن يرتفع وينخفض كالسلع لم يكن لنا ثمن نعتبر به المبيعات، بل الجميع سلع، وحاجة الناس إلى ثمن يعتبرون به المبيعات حاجة ضرورية عامة، وذلك لا يُعرف إلا بسعر تعرف به القيمة، وذلك لا يكون إلا بثمن تُقَّوم به الأشياء ويستمر على حالة واحدة، ولا يُقَّوم هو بغيره، إذ يصير سلعة يرتفع وينخفض، فتفسد معاملات الناس ويقع الخُلف ويشتد الضرر” [5].

فالإرادة الاقتصادية والسياسية للتوجه نحو العملة الذهبية لا تكفي لتحقيق النتائج الاقتصادية والسياسية المرجوة من التعامل بهذه العملة، بل يجب أن تدعم هذه الإرادة قوة للنظام خارجية وداخلية، قوة خارجية تستطيع فرض العملة من خلال معاملات تجارية عابرة للحدود، وقوة داخلية تستطيع فرض النظام وحفظ الأمن الاقتصادي في المجتمع بما يضمن عدم طُغيان بعض أفراده أو تلاعبهم في أقواتهم ومعايشهم.

ومن هنا يُمكن أن نفهم لمَّ أقر النبي صلى الله عليه وسلم التعامل بعملة الفرس والروم واستمر الخلفاء الراشدون من بعده على ذلك حتى عهد عبد الملك بن مروان وصيرورة الدولة الإسلامية أكبر قوة عالمية في هذا الوقت.

وفي إطار النظرة الوطنية أو المحلية للعملة الذهبية، فإن القيمة (المحلية) الحقيقية لها هي تجنب الأزمات الناتجة عن التضخم المالي الذي تسببه العملة الورقية، بفقدان النقود لقدرتها الشرائية، الذي قد يصل لحد الصفر ­ أي انعدام قيمتها تمامًا ­ مع زيادة الطلب [6]، مما يُفقد المدخرات النقدية قيمتها، ويجعل الثروة الحقيقية في يد من يُسيطرون على الذهب والأراضي والعقارات.

لكن تظل العملة المعدنية غير كافية لتعامل وطني دون أن تساندها عملات أخرى أقل في القيمة ­ كفضية أو بلاتينية أو نحاسية كما كان الأمر قائمًا في حالة “الفلس” الإسلامي أو حتى حديدية [7] ­ تصلح لمبادلة السلع والبضائع زهيدة القيمة كالخبز أو الخضروات أو السلع البسيطة اليومية.

وربما تكون فكرة العملة المعدنية أكثر جدوى مع تجارب المقاومة أو التجارب السياسية الوليدة مثل فلسطين التي كان جدير بسلطتها السياسية سواء في الضفة أو غزة محاولة قَصر التعامل في الداخل الفلسطيني بالعملة المعدنية بدلًا من عملة الاحتلال أو العملة الأجنبية!

في الحقيقة، لم تحضرني خاتمة مناسبة لهذا المقال، فلعلي أرجع أكتب خاتمته فيما بعد.

————-

* نُشر أصل هذه الدراسة كمقال لأول مرة في موقع “ساسة بوست” بتاريخ ٥ سبتمبر ٢٠١٥م.

[1] رسالة في النقود الإسلامية: أحمد بن علي المقريزي، ضمن: رسائل المقريزي، تحقيق: رمضان البدري وأحمد مصطفى قاسم، دار الحديث (القاهرة)، الطبعة الأولى ١٤١٩هـ / ١٩٩٨م، ص ١٦٠.

[2] والتي تعادل حديثًا وزن ٤.٢٥ جرامًا تقريبًا من الذهب عيار ٢٤.

[3] نسبةً إلى المكان الذي انعقد فيه مؤتمر ١٩٤٤م الذي أدى إلى تأسيس نظام عالمي جديد للصرف الأجنبي في مرحلة ما بعد الحرب العالمية، وقد حضر المؤتمر ممثلون لأربع وأربعين دولة وهي الدول المنتصرة في الحرب والدول الحليفة لها.

ونتج عن هذا المؤتمر إنشاء صندوق النقد الدولي IMF، وكان من نتائجه المهمة تثبيت نظام للصرف الأجنبي ضمانًا لاستقرار سعر الصرف، حيث وُضع الدولار كعملة مقابلة لكل العملات الأجنبية يصلح استرداد قيمتها المقابلة من الذهب في أي وقت من قبل حكومة الولايات المتحدة بسعر صرف ثابت هو ٣٥ دولار للأوقية، كأن الولايات المتحدة أصبحت ملتزمة بموجب هذا الاتفاق بدعم كل دولار في الخارج بقيمته الذهبية، بوصف أن لديها أكبر احتياطي من الذهب في العالم حتى بلغ في نهاية الحرب العالمية الثانية نصف احتياطيات الذهب الرسمية في العالم بمقدار ٥٧٤ مليون أوقية، لكن هذا النظام جعل سعر صرف العملات الأجنبية ثابتة مقارنةً بالدولار، مما أدى مع الوقت إلى زيادة التضخم وانتشار البطالة.

وجدير بالذكر أن بريطانيا كانت هي أول دولة تُقرر نظام الغطاء الذهبي عام ١٨٢١م، ثم تبعتها الدول الغربية.

[4] وهو ما يعني أنه على الدولة الاحتفاظ بدولار واحد ­ أو اليورو مؤخرًا، أو غير ذلك من العملات الأجنبية القوية التي تربط الدولة عملتها المحلية بها كالجنيه الاسترليني أو الين الياباني ­ مقابل حزمة معينة من عملتها المحلية التي تقوم بطباعتها، أي يلزمها الاحتفاظ باحتياطيات من الدولار تكفي لتحويل كل العملة المحلية على أساس سعر الصرف المحدد، ويتم تحديد سعر الصرف عن طريق واحد من ثلاثة أنظمة وهي الثابت والتعويم والتعويم تحت السيطرة، وفي حال التعويم يتم خضوع سعر الصرف للعرض والطلب، أما في الحالتين الأخريين فإن الحكومة أو البنك المركزي هما من يحددان سعر الصرف.

[5] ابن قيم الجوزية: إعلام الموقعين عن رب العالمين، تحقيق: محمد عبد السلام إبراهيم، دار الكتب العلمية (بيروت)، الطبعة الأولى ١٤١١هـ / ١٩٩١م، ج ٢ ص ١٠٥.

[6] كما في حالة إقدام الدولة على طباعة عملتها المحلية بصورة غير مراعية لنموها الاقتصادي وظروفها الاقتصادية، مما يؤدي لزيادة الطلب بصورة كبيرة، على نحو يعجز المنتجون عن الاستجابة له بالسرعة المطلوبة، بما يؤدي لحدوث ارتفاع هائل في الأسعار، يؤدي لفقدان الناس الثقة في عملتها، كما حدث في زيمبابوي، حيث وصل التضخم فيها لأكثر من ستة آلاف مليار، وتمت طباعة أوراق نقدية قيمة الواحدة منها مائة مليار، ومع توافر العملة بشكل مفرط في أيدي المواطنين مع عدم وجود نظام اقتصادي منتعش، زاد الطلب بصورة كبيرة على السلع التي لم يُلبي المعروض منها الطلب المتزايد، ففقدت العملة قيمتها بشكل كامل تقريبًا، حتى تم التوقف عن استخدامها عام ٢٠٠٩م واضطر الناس لاستخدام عملات دول أخرى.

[7] وكان معمولًا بها في بعض الممالك الإسلامية، مثل مملكة صنغي الإسلامية وكانت قطعة الحديد تزن من واحد إلى نصف إلى ربع رطل، وكانت تُستعمل لشراء الأشياء الرخيصة مثل الحليب والخبز والعسل.

إبراهيم علي طرخان: دراسات في تاريخ أفريقية الإسلامية قبل عصر الاستعمار: إمبراطورية صنغي الإسلامية، مجلة كلية الآداب، جامعة الرياض، المجلد الثامن، ١٩٨١م، ص ٥٨.

Share via
Copy link