لله الذين قضوا في زلزال سوريا وتركيا، كم تركوا فينا من عبرة!
من لم يُؤثِّر فيه هذا الزلزال بتذَكُّر أو اعتبار؛ فليراجع قلبه ونفسه.. الآلاف الذين ماتوا، في لمح الصبر، الذين ذهبوا وأزواجهم وأولادهم، وذهبت معهم كل آمالهم وأمانيهم وتطلعاتهم وإنجازاتهم وأفكارهم..
ما جمعوه من أموال، وبنوه من مساكن، وحصلوه من شهادات، وتقلدوه من مناصب.. مشاكلهم ومنافساتهم وصراعاتهم في الحياة، هزائمهم وانتصاراتهم.. الآلام والأحزان والشقاء الذي عانوه، اللذات والأفراح والسعادة.. سُمعتهم وشهرتهم وتقدير الناس لهم..
كل ذلك طواه الزمن في لحظة، ومحاه الزلزال في لَمْح البصر، كأنه لم يكن! حتى الولد الصالح الذي كانوا يرجون بره ودعوته؛ ربما لم يبق لهم!
ماذا تبقى لهم؟!
لم يبق لهم إلا العمل الصالح الذي عمِلوه، والعلم الذي علَّموه، والبر الذي فعلوه والحق الذي جاهدوا فيه فتذكره الناس.. لم يبق لهم إلا رصيدهم من رضا الله، وسؤالنا الرحمة لهم..
لكن للأسف لا نُدرك هذه الحقيقة إلا متأخرًا، حين نكتشف أن كل التنافسات والانبهارات بالحياة ومادياتها وأشخاصها؛ انحطاط خادع زائل.. والقلب الذي يستطيع أن يُفلت منها هو الذي وطن نفسه على أن وجوده في الدنيا “رحلة” ستنتهي أقرب مما تخيل، وعَلَم أن كل الأماني أطماع فارغة، سراب بعدما تعلق به لم يجده شيئًا..
عبرة والله، وأي عبرة.. اللهم تب علينا واشغلنا بما ينفعنا وارض عنا.