وقت القراءة 1 دقيقة واحدة
403 عدد المشاهدات
“قُل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتُموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله”.. في قوله: “ومساكن ترضونها” بعض المفسرين يخصها بالدور والبيوت، والبعض يعمم فيذكر أن المراد بها البلاد والأرض، ولا مانع من أن يكون المقصود المعنيين.
كل الأشياء المذكورة هي مرغوبات في ذاتها، حبها حب جِبِلِّي.. المفسرون يقولون أن الترتيب فيها له مغزى وأولوية فطرية، فبدأت بالأقرب محبة للإنسان ثم الأقل فالأقل (الأبوة، البنوة، الأخوة، القربة، المال، العمل، الدور أو البلاد)..
ولماذا خص تلك الأشياء بهذا التأكيد؟!
لأنها مظنة الموالاة من دون الله، والغلو في التعلق بها.. فالتعلق بها في الغالب يعيق تمكين الدين في النفوس، لذلك سبقها مباشرة قول الله: “لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء إن استحبوا الكفر على الإيمان ومن يتولَّهم منكُم فأولئك هم الظالمون”!
فإذا كان حب الوطن والأرض أمر فطري، إلا أنه ينتظم ضمن جِبِلِّيات أخرى أهم؛ مثل الآباء والأولاد والمال.. وأولى منها كلها محبة الله ورسوله والعمل لدين الله..
فالخلل لا يقتصر على تقديم محبة الولد أو المال أو الأرض على الدين.. بل أيضًا حينما نتصور أن محبة الأرض “ميزان” يُقاس به الولاء والبراء، فنتخيل مثلًا أنها أهم من محبة الولد أو الزوج أو حتى المال!
لذلك انظر كيف أن القرآن وصف الولد والمال بـ “زينة الحياة الدنيا”، وكيف جعلت الشريعة علاقة الوالدية والزوجية “شبهة” لإسقاط العقوبات!
وكيف أن الحدث المفصلي الذي بدأ به تاريخ المسلمين الحقيقي هو “الهجرة” وترك الأرض.. لماذا؟!
لإعادة صياغة علاقة المسلم بالعالم.
والمقصود ليس نفي جِبِلِّية محبة الأرض، أبدًا، لكن المقصود تأكيد فكرة أن الأرض ليست دين.